آدم وحواء - خايمي سابينيس | اﻟﻘﺼﻴﺪﺓ.ﻛﻮﻡ

خايمي سابينيس أو خايمي صغبيني، شاعر مكسيكي عدّه أكتافيو باث واحدًا من أفضل شعراء اللغة الإسبانيّة (1926-1999)


1036 | 0 |



I

في الجنّة كُنا. في الجنّة لا يحدث شيءٌ. لم نكن نعرف بعضنا.
- حوَّاء، انهضي.
- لديَّ حبٌّ وحلمٌ وجوعٌ، هل طلع الصّبح؟
الوقت نهار، ومع هذا هناك نجوم. الشمسُ تأتي من بعيدٍ نحونا، والأشجار تضرب بعضها. اسمعي. -
أريد أن أعضَّ فكّك. تعال. عاريةٌ أنا، مُمرّثة، ورائحتي تشبهك. -
مشى آدم نحوها وأخذ بيدها، بدا أنّهما دخلا نهراً واسعاً،
وأنهما يلعبان بالماء الذي بلغ عنقيهما، وأنهَّما يضحكان، بينما أسماك صغيرة ضالّة تعضُّ أقدامهما.


II

أرأيتِ كيف تنمو النباتات؟ للمكان الذي تسقط فيه البذرة، يأتي الماء. هو الماء الذي يُنبِت، ترتفع الشمس. من الجذع والأغصان، تصعد المياه للهواء، كما لو كنت تنظرين لسماء الظهيرة وتبدأ عيناك بالزوغان. يكبر النبات في يوم وليلة. هي الأرض التي تنمو؛ تصبح لينة، خضراء، مرنة. التفل المبلَّل، قشرة الأشجار الآثمة، تنفصل وتعود. هل رأيته؟ النباتات تمشي في وقتها، ليس من مكان لآخر: من ساعةٍ لأخرى. تشعرين بهذا عندما أستلقي بظهري على الأرض، ويخترق شعرُك كباقةٍ من الجذور، وأنتِ بكاملك جذعٌ ساقطٌ. أريد أن أزرع بذرة في النهر، لنرى إن كانت ستنمو الشجرة وهي طافية كي نتسلقها ونلعب. في أوراقها تتشابك الأسماك، فتصبح شجرة من مياه كانت لتذهب إلى كلِّ مكانٍ دون أن تقع أبداً.


III

الليل الذي غادرنا بالأمس كان سحراً. ثمَّة طبولٌ في الليل، تنام الحيوانات ببصيرة مفتوحةٍ كالعين. لا يوجد أحد به، هواءٌ. الأوراق والريش تجتمع في الأغصان، على الأرض، وأحدٌ ما يحرِّكها أحياناً، فتسقط. مناديلُ سوداء، أصواتٌ سوداء، صمتٌ أسود ثقيل، تطفو، تزحف، والأرض تظهر وجهها الأسود وتشير للنجوم. عندما يعبر الخوف بجانبها، تدقُّ القلوب بقوَّة، بقوَّة، وتُنذر العيون أنَّ الأشياء تتحرك للأبد في مكانها. لا يُمكن لأحدٍ أن يتدخَّل في الليل. من يدخل بعيونٍ مفتوحةٍ في ثقل الليل، يضيع، تسطو عليه الظلال، ولن يُعرف عنه شيءٌ بعد الآن، كهؤلاء الذين لمَّهم البحر. قالت حواء لآدم: تمهّل، كي لا نفترق.


IV

أمس كنتُ أراقب الحيوانات وبدأت أفكّر بك. الإناث هنّ أكثر سلاسةً، أكثر نعومة وأكثر أذى. قبل أن تستسلمَ، تعامل الرجل بقسوة، أو تهرب، تدافع عن نفسها. لماذا؟ رأيتكِ أنت أيضاً، كالحمام، تغضبين عندما أهدأ. أيُعقل أن تشتعل دماؤنا في ساعات مختلفة؟ والآن وبما أنَّك نائمة فلا بدَّ أن تجيبيني. أنفاسك هادئة، وجهك منفرجٌ وشفتاك منفرجتان. أيمكنكِ قول كل هذا دون فتنة، دون ضحكات. نحن مختلفان، ألم يصنعوكِ من ضلعي؟ ألا توجعينني؟ عندما أكون فيكِ، عندما أصغرُ فتعانقينني وتلتفّين حولي وتنغلقين كما تنغلق الزهرة على النحلة، أعرف شيئاً ما. الأنثى دوماَ أكبر، بطريقةٍ ما. لمَ نجونا من الموت؟ ننجو كل ليلة. نبقى معاً، في أذرع بعضنا، وأنا أكبر كالنهار. شيءٌ ما عليه أن يبحث فيك، شيء يخصُّني هو أنتِ وليس عليكِ أن تمنحيه لي أبداً. لماذا فرَّقونا؟ أفتقد المشي، لأرى كيف أنَّ عيناً ثالثة، كرِجلٍ أخرى أعرف أنا وحدي أنَّني ملكتها.







(ﺟﻤﻴﻊ ﺗﺮﺟﻤﺎﺕ غدير أبو سنينة)
اﻟﺘﻌﻠﻴﻘﺎﺕ (0)   






دعمك البسيط يساعدنا على:

- إبقاء الموقع حيّاً
- إبقاء الموقع نظيفاً بلا إعلانات

يمكنك دعمنا بشراء كاسة قهوة لنا من هنا: