رحلة دون كيشوت الأخيرة - ممدوح عدوان | القصيدة.كوم

شاعر وروائي ومترجم ومسرحي وناقد وكاتب تليفزيوني سوري، اهتم شعره بالقضايا العربية العامة (1941-2004)


1562 | 0 | 0 | 4




قال علي بن أبي طالب:
"يا حق، ما تركت لي صاحباً"
وقال:
"يا أبا ذر، لا يؤنسنّك إلا الحق
ولا يوحشنّك إلا الباطل"


شجوٌ؟ أم زهوٌ أم هذيانْ؟
شِعرٌ؟ أم لغوٌ يستطردُ في الذاكرة
إلى أن يقطعه النسيانْ؟
قم يا سانشو
عاد إليّ الأرق المزمن،
والهمُّ الأبديُّ،
امتلأ القلب المرهَقُ بالأحزانْ
نَبعتْ في الليل من الصمتِ،
ومن صفحات الكتبِ،
وراحت تسري كالنمل على الجدرانْ
قم واسمع أفكاراً ما كانت بالحسبانْ:
إن كانوا نجحوا في تحويل الإنسان إلى حيوانْ
فلماذا لا ننجح في ارجاع الحيوان إلى إنسانْ؟
إن كانوا نجحوا في سحب الفيلِ
لكي يدخل في سمِّ الإبرة كالخيطانْ
فلماذا لا ننجح في شغل الفيل من الخيطانْ؟
لا يا سانشو
لا أحلم بالمعجزة
فهذا المطلب ضمن حدود الإمكانْ
والمطلب همٌّ يتأجّجُ
يحرق حامله
وأنا يركبني همٌّ وأليقُ به
وهو يليقُ بمن ورث الأرض من الله،
فلا تقوى أن تحمله إلا حكمة ربٍّ
أو عزة شيطان يحيا في شرف العصيانْ
وأنا أمعنتُ بإلفة هذا الهمّ
فصرت الموجة وسط محيط مضطرمٍ
لا تأمل أن تصل الشطآنْ
وأنا آلفتُ الحق المهدور
فحوّلت الحق إلى واجبْ
وتفرّدتُ بلا صاحب
لم يبق سواك معي
أوقظك الآن لتسمع شجوي
ولنبدأ رحلتنا
كنتَ الصاحبَ بين مخاطر عمري
حتى صيَّرنا كالسكرة صحبتنا
لن أنسى حزنك من أجلي في المحنة،
خوفك حين أواجه أخطاري
ومسيرتنا نحو الموت سوياً
يلحقنا همس المرتابين بأني مجنونْ
مجنونْ
يهجر راحة جهلٍ مسترخٍ ويطارد قلق العلم الفتانْ
يهجر طمع التجار، وينبع زهد العلماء
فلا يظفر حتى بثواب الزهد لدى الكهانْ
يتخلى عن لين طموح الناس السهلِ
إلى مرتبة في الديوانْ
يختار العتَبَ
وجهل مصادر لقمته في الغدْ
يهجر دفء الزوجة واستقرار البيت
ويختار الهجرة في غربة ليلٍ وحشيٍّ
ملتحفاً بالعُري وبالبرد
ليكمل جولاتٍ خاسرة في الميدانْ
يسلك هذا الوعر، ويترك ذاك الدرب السهل
يفتش عن أوجه قبح الدنيا
ويفتّش مكنونات القلب عن الكلماتِ
ليرفع صوتاً ضد القهر،
ويسري خلف الكلمات الصعبة
يهجر ذبذبة الشعراء بأبواب السلطانْ
يكتب ما يلقيه إلى السجن وأبواب الحرمانْ
أهو المجنون أم الشاعرُ؟
أم شعرٌ مجنون مرغوبْ؟
الشعر المجنون هو المطلوبْ
في دنيا تمشي بالمقلوبْ
مملكتي ليست من هذا العالم،
والشعرُ صليبي حين يغيبُ الأعداءُ،
ولا ينفع سيفٌ لمواجهة الظلم
بعالمنا المعطوب.
شعرٌ؟؟
شعرٌ وسط ضجيج صيارفة الأوطانْ
وسط ذئاب تتناهش؟
شعر بين النخاسين
يغني الزهر، ورائحة الأرض،
وأحلام الإنسانْ،
شعرٌ؟ كلماتٌ؟ ... أم هذيانْ
والكلمةُ هذي العاهرة المجذومة
تُنفى وتطاردُ،
تُخشى وتُحقّر،
ثم تُنادى لتُنادَمَ مثل المشروبْ.
بلوانا يا سانشو
أن الروح تشبُّ كرعدِ في جسدٍ مهترئِ وهزيلْ
تتفجّر في جسد يتهاوى
الرغبة في الرحلة تنمو،
والدرب يطولُ وهذا الزادُ قليلْ
ها نحن غبار الحرب يغطينا
والكدمات على وجهينا، والحلم قتيلْ
ها أنت بصمتك بعد هزائمنا
لا تسخر، لا تبكي
لا تنتظر شروحي
تسندني، وتضمّدني، وكأنك كنت توقعت جروحي
ثم تتابع سيرك قربي
مكسواً بهدوءٍ كالموتِ، نبيلْ
تمشي وكأنك لا تشعر أن العبء ثقيلْ
تحمل ما تحمل، في صمت ينضج بالأحزانْ
ها أنت بما علّمك الفقر وأعطتك ليالي الحرمانْ
وأنا بالضوء الطالع من كتبي
بالعزم النابع من غضبي
نُبقي الدري جليّاً وعصيّاً،
قدراً ما عنه بديلْ
نمشي نحو المنفى باطمئنانْ
فالمنفى هدفٌ لا يحتاج دليلْ
بحصاني الأعجفِ (أعرفه أعجفْ)
بالسيف الصدئ (وأعرفه صدئاً)
بالرمح المكسورِ (وأعرفه مكسوراً)
بالجسد المهزولِ
كآخر نبضات فتيلْ
بالوجه الشاحب، والترس المهروء
وأنت على قدميك،
وأحياناً فوق حمارك
لا شك نثير الضحك
ولا تخشانا حتى الفئرانْ
لكن، يا سانشو،
في هذا الزمن القاحلِ
نحن الفرسانْ
ماذا ظلَّ من الفرسان بعصرٍ
تُحْسَبُ أرباحُ العزَّة فيه
كما تُحسبُ أرباح الدكانْ
ماذا ظل من الفرسان سوى الريش
على أجساد طواويس السلطانْ
من ظل سوى من صاروا عند الملكات الخصيانْ
عند الأمراء الغلمانْ
عند التجار وأصحاب الصفقات الصبيانْ
صاروا جبروت الطغيانْ
وبذار الفوضى، ولصوص الأسواق المتباهين بأسلحة الزينة للإرهابِ،
يحيلون الدنيا غابات من قضبانْ
صاروا أبطال الحانات وكانوا أمس نعامات الميدانْ
يتباهون بأن لهم أجداداً كانوا للعزة نبراسْ
يتفانون لتستير هزائمهم،
وينامون على الألقاب الفخمة في أمجاد الشعر الزائف والشعر الرنانْ
تتجاوب أصداء الكلمات العاهرة
لديهم كالأجراسْ
شعر يوهمهم أن خيولهم فوق النجم
وخبرتهم فوق العلم
وهم أسرى الخوف يسيِّجهم بالحراسْ
بدل استقبال الزهر بموكب نصرٍ
بدل أغاريد الحب الطالعة من الفخر تحيل اللّقيا أعراسْ
صار كل مواكبهم حرساً
يحميهم حتى من نظرات الناسْ
لم يبق سوانا يا سانشو
نحن الفرسانْ
بمتاعبنا وهزائمنا وجراح معاركنا
بالعُرج المضحكِ في ساق جوادي
والبطء المرهق في سير حمارك
نحن الفرسانْ
يكفينا أن نفعل ما يمليه علينا الوجدانْ
يكفينا أن شكاوى الجيرانْ
منا تتحول دمعاً عند التوديع
وفخراً عند الذكرى
يكفينا أنا حولنا الخانات حصوناً،
والحانات قلاعاً،
لو دافعنا عنها
ورأينا الساعين إلى الخبز
المرميين إلى الحرب وقود الميدانْ
رأيناهم وحدهم الأبطال الشجعانْ
فلماذا اللوم إذا عاملت الناس كفرسانْ
وبغايا الحاناتِ أميراتٍ
وتفقدت البيتَ كحصنٍ
وإذا امرأة بزغت بجدائلها
وانطلقت صيحات العشاق السكرانين تداعبها
أسجد عند قداستها كي أرفعها، حيث يليق بها،
فيما هم يسعون إلى زلّتها
نحو حضيض العهر كقوادين
ستكفيني نظرات الحزن بعينيها حين تودعني
وأنا مطرود خسرانْ
وسيكفي أني أيقظت لديها
ما أنساها إياه البحثُ عن اللقمةِ
والخوف من النقمةِ
يكفيني الخوف عليّ بعينيها
إن هاجمني رواد المتعة
واستبسلت لأحمي نضرتها
من خسة هذا الشبق السكرانْ
يكفينا أنّا لا نصمت عند إهانة إنسانْ
وصحيح أنا شخنا يا سانشو
كثرت في الجسد العلَلُ، وما ظل رجالٌ أتكلّ عليهم
وصحيح كثر الأعداء، اخترعوا للتعذيب فنوناً
قَلَّ الصحبُ فراحوا ينتحرون جنوناً وسجوناً
وتقوس ظهري، ازداد الجسدُ نحولاً،
وازدادت وحشة وحدتنا
بالباطل قيظاً يخنقنا
لم يبق سوى الهاجس بالحق أنيساً وعزاءْ
وصحيح أنّا لا نجني إلا الألم وضحكات الاستهزاءْ
وشماتة من كان نهانا لم نسمعه،
ومن كان دعانا لم نقبل دعوته
نحو الكأس ودفء الأحضانْ
لكن سأظل أنا جبلَ الرَّفض وَهُمْ وادي الإذعانْ
إذ ترتفع على الأرض جبالٌ شُمُّ تتعمق فيها الوديانْ
وأنا القمة تيأس من شمس تدفئها
أو بطل عالي الهمة يبلغها
تتلوى تحت سياط الغربة والوحدة
كم كابرت لكي لا أصرخ: إني وحدي
وتشبثت بصفحات من كتبي لتعزيني
وتطمئنني أن العالم يمشي نحو الهدف الأمثلْ
أن النصر لأصحاب المبدأ والسعي الأفضلْ
هل سُجِّل سعيٌ في الدنيا أكبر من سعيي؟
هل يعرف تاريخ مجازر هذا الوعي
شهيداً أوضح من وعيي؟
منذ بدأت الرحلات ولم ألبس إلا الأكفانْ
لم أتفيأ شجراً إلا الصلبانْ
لم أتجنّب قول الحق بوجه الطغيانْ
من مجزرةٍ نحو مجازرَ أخرى يمشي بدني
من مقبرة نحو مقابر خرى أضحى سكني
بين الدمعة والدمعة لا أبصر إلا وطني
في كل مكان أنزلُ، تنزلُ حولي اللعنات
وسخرية المرتاحين على الذلِّ
تحاصرني ويلات الأعداء
تهبُّ عليّ عواصفهم
كي لا يعلق جذري في الأرض
تُدمّر من حولي
حتى يجبرني الخوف عليهم أن أرحلْ،
فيودّعني الدمعُ وزهر صباياهم
ورغيفٌ خبأه لي في السر الجوعانْ
أعجز كالأخرس عن كلمات العرفانْ
فأردُّ جميلاً للبائس أمنحه كفني
وأقول تدفّأ يا بردانْ
سأموت كما عشت وحيداً عُريانْ
والآنْ
الهمُّ تراكم ثلجاً في باب القلب
القهر تجمع مرضاً بين مفاصلي الوَهْنى
حزني يتصبب فوقي طيناً يثقلني
وأكابر كي أحبس دمعي يخنقني
حين أرى العالم من حولي ينهار
ويستسلم للطوفانْ
حين أرى ما كان اليوميَّ يصير الحلم،
وما كان كلاماً مألوفاً
يصبح جرأة منتحرٍ
وأنا أصرخ لأحذّرَ مما في الغد يأتينا
والآن أراه يقينا
أصرخ أني وحدي
لم يبق قريباً مني أفقٌ
لم يبق على أفقي أملٌ
ولكي لا أمسك باليأس ألوذ بموتي
أصبح بجعَ الأيام الصعبةِ
يتسرب قهري من بين مسامي
تمتلئ الدنيا بالأعداءْ
والأعداء انزرعوا في أجساد ضحاياهم
لا أعرف كيف أميز بين القاتل والمقتولْ
والكل ضحايا خصم معروفٍ مجهولْ
تمتلئ الدنيا بالمتصامم والمتعامي
تمتلئ الدنيا بالراضي بالذل،
وبالساكت عن حقٍّ،
بالمتهيئ كي يقتنص مكاني
في بيتي وعلى سرج جوادي
أو في قلبك،
دون نوايا أن يسعى لمرامي.
القهر ورائي وأمامي
وغدي مسحوب من عمري،
أمسي يتمترسُ قدامي
وأنا النسر المجروح المثقلُ
بجناحيه المكسورين عن الطيرانْ
يتقلب في فزع مقهور
إذ تتكاثر كي تنهشه الغربانْ
جفَّ العمر ولم يبق بجسمي إلا الداءْ
حولي لم يبقَ سوى الأعداءْ
إنهض يا سانشو
أنبضْ قوسكَ وارمِ السهمَ،
ولا تلحقه بعينيك،
فحيث يصيب السهم هناك الأعداءْ.
لم يبق سوى الأعداءْ
أشهرْ سيفكَ واضربْ كيف تشاءْ
حيث تجيء الضربة فهناك الأعداء.
لا تُصْغِ لمن يهرفُ أن أمامك أوهاماً وطواحينْ
ليس أمامك غير طغاة كذابين،
لهم مكرُ شياطينْ.
هم قالوا: ذاك جنونْ
قالوا: تلك طواحين وليست طغيانا
قالوا، وانبطحوا تحت نعال الظلم
لكي لا ينهض في المستقبل من يتصدى للطغيانْ
قالوا: هذي أرضٌ لا تصلح
هذا طقس لا يسمح
هذا ظرف لا يسنح
قالوا: انتظر الفرصةَ،
ثم تراخوا مرتاحين على النزفِ،
فلا تُصغِ إليهم
حربك تصلح في كل مكانْ
في كل زمانْ
معركة اليوم بلا أملٍ بالنصر،
وأنت تقاتل كي لا تخجل من نفسك
كي تجرؤ أن تنظر في عيني إبنك
كي لا تغرقك الأحلام المخزية، وكي تبقى إنسانْ
أنت تحاصر، يزداد حصارك عجزاً
يزداد حصارك نوماً، تزداد الظلمة حولك
وهزائمهم تتراكم كي تلقي أعباءً فوق الأعباءْ
ويعلّق كل فوقك عار هزيمته
فاغرزْ رمحكَ حيث تشاءْ
لم يبق هنا فرق بين الأعداء
وبين المنصاعين لما يمليه الأعداء
وبين الأهلِ
أقاموا فزاعاتٍ كي يلهوك بها عن كيد الأعداءْ
لا تصغ لمن يهرف أن أمامك قطعانٌ من أغنامْ
اضرب في القطعان لكي لا تبقي قطعانْ
كي لا يبقى من يألف ليل السجن وسوط السجانْ
من يستمتع بالأكل وبالسمنةِ
ينقاد إلى مسلخه بحبال الإذعانْ
ما زالت في أعماقي تلك القوة أن أصرخَ
أن أهجمَ
أن أُهزَمَ
وأعيد الكرة دون طموح أو أوهامْ
لا أطلب إلا أن أتأكد أني في أعماق القلب
ظللتُ كما كنتُ ولم أستسلم للتيارْ
أني ما زلت أريد بأن أسبح ضدَّ التيارْ
أن الظهر تقوس كي يصبح: لا
أن الساقين إذا أعجزني السير ستلتفّان بشكل الـ "لا"
أرفعُ زنديَّ أندد بالظلم يصيران الـ "لا"
لم أرفع شارة نصر بأصابع كفي
بل أشهرت الـ "لا"
لم أقبض كفّي أجْني كسباً
بل كنت قبضت على الجمرِ
سرقتُ النارْ
سنهاجم حيث سنهزمْ
ونعيد الكرّة بعد هزيمتنا مثل اللعبةْ
مثل عناق العاقر
لا تأملُ أبناء
بل يكفيك قضاء الرغبةْ
سنهاجم بالغضب المتوهج مما ظلَّ لدينا يغضبْ
سنهاجم بالعزم النابع مما ظلّ لدينا لم يتعبْ.
سنهاجم كي لا تفتقر الدنيا للأنباءْ
كي لا يستشري الظلم، ويسترخي في ثمرات الشر الأشرارْ.
ليس من اللائق أن لا يحتاج العار إلى أستارْ.
ليس من اللائق أن يغفو كل الناس بدفء الأعذارْ
فالشهداء مضوا، لكن أخذوا معهم كل الأعذارْ
ماذا ظل لدينا إن نحن تكاسلنا وتراخينا
سنعود إلى البيت لنلقى العتب على التضحية وعيش الغربةْ
سيقولون: لو ارتحتَ وطامنتَ وجاملتَ،
ولو جئت بأنثى ترزقك الأبناءَ
فتجعل هذي الدنيا رحبَةْ
سيقولون: الظلم يعمِّرُ هذا العالم
وهو به صار اللونْ
أنت بأحلامك لن تقوى أن تهدم أسس الكونْ
ماذا أفعل؟
ما زلت أرى المنفى أن أحيا وسط نفايات المُثُلِ
وليس المنفى أن أرحلْ
ما زلت أظن الإنسان إذا واجه ما يخجلُ يخجلْ
وإذا واجه ما يحزن يحزن أو يبكي
وإذا واجه حُسْناً يعشق أو يتأملْ
ما زال القلب يراوغ عن أسئلتي
يخفق أجوبةً
ما زال القلب هو الهادي
ما زالت "لا" في كلمات اللغة هي الأجملْ
ما زلت جموحاً لا أخشى شيئاً خارج هذا الجسد المتهاوي
لا أخشى غير الخوف (سنقتله قبل البدء برحلتنا)
لا أخشى غير الأمل الخادع (نخلعه قبل البدء برحلتنا)
لا أخشى غير الرغبة في نيل الاستحسانْ
(فتأكد قبل البدء، بأن الجيرانْ
بدأوا صيحات الاستهجانْ)
لا أخشى إلا تجزيء الأمل إلى آمال صغرى
تُمزج بالخوف لكي تُقبلْ:
(نرضى بفتاتْ
تختصر مطامحنا حتى نشكر إن جاءتنا فرصة أن نقتاتْ
يختصر الكسلُ مع اليأس الحركاتْ
لا تبقى فينا إلا حركات المضغ أو النزو
ونخترع الأسماء البراقة كي نخفي الذلَّ
ونعثر فينا كان يجمّعنا فيما نحن شتاتْ)
القلب يقول: ابدأ حيث أردتَ ولو ضاع الأملُ
اسلك دربك لا تترددْ
فقدان الأمل شجاعة
ليس اليأس، فتابع سيركْ
لن تلقى الله
ولن تكسب عرشاً
لن تلقى إلا من يُتعبه قدومك
لن تترك إلا من تأنف صحبته –
آه تلك الأنفةْ
يتقوس ظهري الأعجف، ما عاد يلائمها
لكن لا بد من البدء برحلتنا
هيا يا سانشو
ناولني رمحي
هذا الرمح يظل صديقي
أمسكه .. يمسكني
أسنده .. يسندني
عدة حربي فوق الجسم ازدادت ثقلاً
إرفعني كي أقف
اتركني مسنوداً بالرمحِ
لأطلق أهدافي قدامي كالسربْ
هاتِ جوادي
ارفعني كي أعتليَ السرجَ وسلّمني الدربْ
زوادتنا فارغةٌ من أي طعام أو شُربْ
إن بادرك اليأس من الرحلة ودّعني
إن كنتَ ظللتَ كما كنت المؤمن بالسعي وبالهدف
وليس المؤمن بي
إن فاض القلب بحبِّ المجنون الكهلِ العاجزِ
فاتبعني عن قُرْبْ
وتهيَّأ للضربْ
وتذكّر دوماً أني لم أقطع وعداً بالنصر
أنا لم أضمن إلا استمرارَ الحربْ.





الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.