العشاء الأخير للمعتمد بن عباد - عبد اللطيف الوراري | القصيدة.كوم

شاعر وناقد مغربي، أسهم في تحديث الإبداع الشعري والدرس النقدي المغاربي، وهو من أبرز المهتمين بقضايا الشعر العربية قديمها وحديثها (1972-)


130 | 0 | 0 | 0




تَجُوعُ ريحٌ
بِبَابِ الكَرْمِ
أَسْمَعُها تَجوعُ
مَنْ مَرّ قُربَ الْبِئْر يَسْمعُها مِثْلي، وَيُطْعِمني جُوعي. يَدايَ هُنا،
في البَيْتِ، لا تَسْنُدانِ البَرْقَ إنْ عَوَتا منَ الغُيومِ. أَنا المَجْروحُ
أَفْرك عَيْنَيْ شاعِرٍ، وَأُربّي حِنْطَةً. وَبِلا جَدْوى أَطُولُ لِئَلا يَنْفقُ الْأَمَلُ !
الثَوْبُ ينْسلُّ مِنْ أطرافِهِ، وَكُوَى الْأَطْيانِ تَهْمِسُ لي ما بِالنّخيلِ،
وَمِنْ مِتْرَيْنِ غِرْبانُ أغْماتَ الشّريدة
إذْ تَنْعبْنَ بِالْفَأْلِ لي.
ثُمَّ الحَناجِرُ مِنْ حَوْلي تَلَذُّ بِأطْرافُ الأسنّةِ.
مَنْ لِي بِالنّشيدِ إذا ماتتْ ولَمْ يَصِلُوا؟
سَأَكْتُمُ اللّيْلَ ما بي ما اسْتَطعْتُ،
لِأنّ زَمْهَريراً كَهَذا قَدْ يَخُونُ؛
فَلا أَمّارَةٌ مِثْلُ نَفْسي.
كَمْ سَمِعتُ لَكُمْ مِنْ ذِكْرياتٍ
وَلا ذِكْرى مَعي اذّخَرتْ بَيْتَيْنِ لي.
خَيْبَةٌ في الدّهْرِ لَيْسَ لَها وَزْنٌ،
ولا انْتَظمتْ في حَرْفِ قافيةٍ،
كَأَنها بَدَلٌ في جُمْلَتي
… بَدَلُ !
**

في زَمْهَريرٍ كَهَذا لَسْتُ أَحْلُمُ.
مَنْ في مِثْلِ نايِي جريحاً لَيْسَ يَحْلمُ.
مِنْ جِذْعي اصْطَنعْتُ لِعَزْفٍ طالَ مائِدَتي،
وَقُلْتُ لِلطَّيْرِ فَوْقَ التّلِّ تَجْفُلُ:
ها رَأْسي
وَفي لَوْنِ خَدّيْها اشْرُبي رَاحي.
لَمْ يُفْتِ يُوسُفُ في رُؤْيايَ
لَمْ يَرَني
لِيَصْنَعَ الْقَيْدَ مِنْ رُمْحي
وَيَقْعُدَ بي
أَبيعُ قَبْراً بِأَبْياتٍ
لِسُيّاحِ !
**

مِنْ فُرْجة الْبَابِ
تَبْكي مَنْ نُعِيتُ لَها.
تَبْكي، مَساءً، ثُريّايَ الوَحيدَةُ إِذْ
بَكى الْوَحيدُ،
بَكى الزّاهي وَقُبّتُهُ،
والنّهْرُ،
والتّاجُ يَبْكي خَلْفَ مَنْ سُحِلُوا
عَلى أَبي هاشِمٍ عَيْنايَ:
يا وَلَدي، أَسْمِعْ أُخيّاتِك العَزْفَ الْقَديم،
وَلا تَحْزَنْ. سَيَغْزِلْنَ قَبْراً لِلْغَريب، وَإِنْ
بِالْوُسْعِ يَخْفِضْنَ مِنْ هذا الغِناءِ.
لَقَدْ سَمِعْتُ مَنْبتةُ الزّيْتون تَصْرُخُ بي:
رُؤْياك.. رُؤْياك؟
لا أَدْري الّذي تَسَـلُ !
كَفّايَ مِثْلُ رُؤايَ الْبُورِ
أَوْدَعَتا في الوَرْدِ كُلَّ قَطوبِ البَرْقِ:
لا سِنَةٌ فَكّتْ عَنِ الصّدْرِ نابَ الثّلْجِ.
لا قَمَرٌ أَغْفى بِقُرْبي وَوَاسى في (اعْتِمادَ)،
وَلا ساعي بَريدٍ لِنَسْلي في الْبِلادِ.
مَتى عَمايَ يَصْدُقُني خَطّي الْجَريحَ؟
عَلى عَيْنيّ أَخْتطُّ طُوفاناً
ويَضْحكُ مِنْ جُوعي ابْنُ زَيْدونَ مِنْ مِتْرَيْنِ:
ما الْعَمَلُ؟
**

دَمِي شَرابُك
وَا قَيْدي
وَتَنْهشُهُ في اللّيْل بَرْدانَ
وَا قَيْدِي
وتَسْرِقُ مِنْ يَدَيَّ رُمْحي وَبَحْري،
ثُمّ تَسْعلُ: وَا…قَيْدي.
كُفِيتُكَ ـ وَا قَيْداهُ ـ تَسْلُبني رُؤْيايَ

تُطْعِمُ لِلثُّعْبانَ مَجْهُولي
فَرُدَّ نَفْسي على نَفْسي لِتَلْعَنَ مَنْ
صَدّقْتُهُ وَقَصَصَتُ المُسْتَحيلَ لَهُ، فَـمَاتَ !
وَاتْرُكْ بِبالِي الْكَرْمَ يَدْعُـو لي.
………….
ذَاكَ الْخَريرُ الّذي
يَأْسو الظِّلالَ
دَمي الكُوفِيُّ
أَيّانَ مالَتْ
شَفّني الْبَلَلُ !




الآراء (0)   

نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)