لا لم تكن مصادفة ولا اختيارًا
ولادة فتى مطوي مقوس
يكبر كأي كائن آخر
تصيبهُ اللعنة، يتشكلُ وجههُ شعرًا
أجل، يتشوه ..
أبواه اللذان أنجباه :
سحقًا هو ابننا لكنه ليس منا
سحقًا والده يقول، ويرمي به في آخر الصفوف
سحقًا أمه تقول تغض بصرها عنه :
ولد طائشٌ لا يشبهنا ..

لا لم تكن مصادفةً ولا اختيارًا
ثمة شيء ما، عصي على الإدراك
آهٍ يا ملحي الحجري
آهٍ يا سريري الصخري
آهٍ يا خبزي الدموي
آهٍ أيها الشاي الذي يطوف بالوجوه
آهٍ يا نسائي اللواتي لا تفهمن ما بي ..
المرآة تعانقني، أوه لماذا ؟
الأقرباء يطعنوني بسخرياتهم
والأصدقاء والجيران، أوه لماذا ؟
الغرباء فقط، الغرباء يحبونني
يتمنون سرقة قبعتي،
ما إن صار الغريب قريبًا
يمتلئ فمه بالرصاص وبالفئران وبالضحكات الزجاجية
أوه لماذا ؟؟
ما الذي حدث لوجهي إذ ما من فعلة ولا خطيئة ارتكبتها
سوى النطق
نطقتُ فقط ..

لا لم تكن مصادفةً ولا اختيارًا
الكتب/ الحرب/ الطفولة/ الغد/ الأمس/ الآن ..
عقارب الساعة تدقق مشيرةً إلى اللعنة إذا لم أكن اقرأ
جدران الغرفة تأكل عيني إذا لم تُغطَّ بالأوراق ..
المقهى، في المقهى أكون هادئًا
كأنني مكثت هناك منذ قرابة ألف عام
الشارع يعج بالحبِ وبالقتل حينما أمر
نخلات الحديقة تحاول أن تصير أسطولاّ من السرو
القطة تموء بحضن فتاة وتأتي بها إلي
الإشارات كلها حمراء
المنعطفات تتقيأ المتسولين والسكارى
الدراجة الهوائية عبثًا تصير حصانًا حينما أصعد عليها
عبثًا تصهل كالفَرس
وكأنني ركبت الخيول منذ ألف عام
العاشقات الفاشلات يبكين على صدري قسوة عشاقهن
يمررن أيديهن على وجهي
يحتضنني أحتضنهن ثم أمضي إلى اللاشيء
أنطق حروفي الأولى
تسجلها يدي
أنظر إلى يدي فتصير يدًا لا أعرفها
يدًا أكبر مني بأعوام
يدًا كغصن التين، كغصن الزيتون
يدًا بلون السماء بلون البحر
يدًا بخفة الريح
مالها الريح مهرولةً هكذا كأنما الألم يجري وراءها بآلاف السكاكين ..!!

لا لم تكن مصادفة ولا اختيارًا
هذا المشوه الجميل الذي يطرده الناس
يصيحون: اقتلوه أو اقتلوا المدينة
ألم الاثنين أكبر من العالم ..
أوه، المشوه بالشعر
وكأن نهرًا فصل بينه وبين العالمين
فصار يراه من الضفة الأخرى
ولا أحد إياه على الضفة الأخرى
سوى أنين النواعير وحشرجة العشب
يتألم على العالمين
يبكي على العالمين
ويرمونه بالحجارة والمحابر
أوه أيها المشوه بالشعر