حيُّنا - قمر صبري الجاسم | القصيدة.كوم

0


966 | 0 | 0 | 1




حين يُصبحُ في حيِّنا مرْتَعٌ للغُبارْ
حين تصحو الفراشاتُ
كي تقتفي أثرَ المدرسهْ
عندما يقضمُ الفجرُ من ليلهِ
نجمةً .. نجمةً ..كي يجيءَ النّهارْ
أسمعُ الصَّمتَ يهدرُ
من بيتِ جارتِنا "فاطمهْ"
ألمناقيشُ تبدأُ عَرْضَ مفاتِنِها
"أسعدُ" الطيّبُ الأغنياتِ
يُفيقُ ليُطعِمَ سَرْبَ النِّهاياتِ
خبزاً وحزنا
زوجةُ الكهربائيِّ تنشرُ عُزلَتها
ألملاقطُ تلثمُ أسنانَها
ترفعُ الريحُ فستانَها الـ لمْ
يُسرِّحْهُ "هيثمُ" مُذ طلَّقَ الذاكرهْ
خالُ "عيسى" الكفيفُ
يُعلِّقُ عكازَ ضحكَتِهِ
عند صنبورِ ماءِ الحقيقةِ
قُربَ المزارْ
"بائعُ الفولِ" يهمي على وجهِ أكبادهِ
ألجدارُ المُطلُّ على يُتمِ "نورَ"
يفتِّشُ عن ساكنيهِ الذين
اكتَفوا بالغيابِ و"أمُّ جِنانَ"
توزّعُ للعابرينَ غوايتَها
ثمَّ ترشفُ ماءَ الحنينِ
ببابِ ابتسامتِها
حيثُ تبتلُّ شيبةُ جدّي
فيرفعُ في وجهِ شُرفتِها
كأسَ شايِ الشبابِ المُعتّقْ
بينما جدَّتي تغزلُ الدمعَ
عقداً لموتِ "انتصارْ"
"ماجدٌ" غائرُ الحزنِ
يعجنُ فرحتَهُ ، حين تبتَاعُ منهُ
تُحسُّ بأنَّ الرَّغيفَ تقمّرَ في قلبِهِ
يعزفُ الصمتُ في وجْدِهِ
غُربةً وانكسارْ
"هندُ" تجمعُ من أجلِ "مروانَ"
بِكْرِ ابتسامتِها كي تؤمِّنَ ..
زفْرَتَهُ .. للخليجِ
فباعتْ "طناجِرَها"
عُمرَها الغجريِّ ..
وفستانَ خِطْبَتِها والسِّوارْ
"هالةُ" الأرملهْ
حُلمُها أنْ يجيءَ عريسٌ "لغادةَ"
تُلبسُها يُتمَها ثمّ تمضي بها
نحو عُرسِ مدى أو وليمةِ رقصِ صدى
تشتري غُنْجَها من بقايا
خزانةِ "حسناءَ"
بنتُ المُكنّى بعمِّ السفيرِ
مُقابلَ تأمينِ كلِّ الذي يشتهي جَوْرُها
خلطةُ الصمتِ تفْضحُ عشقَ العصافيرِ
رجفةَ قطٍّ يُلاحقُ رعشَتَهُ
أو نقيقاً لنرجيلةِ العمِّ "أحمدَ"
تكْبيرةً للصلاةِ .. لُهاثَ احتضارْ
وابتهالاتِ حُبلى حَباها الحنانُ بتسعِ بناتْ
شهقةً من لبانِ "حنانَ"
دويَّ انتظارْ
صوتَ "فاتِنَ" تشكو براءةَ عمِّتِها
أو تعيبُ على زوجِها
عُقمَ ذاكرةِ المحفظهْ
ثوبَ "مروى" يئنُّ بأحلامِهِ
أنْ يعودَ "ضرارْ"
ضحكةً .. ركلةً .. بصقةً ..
أو هُتافاً يُحيّي فريقَ "الكرامةِ" ،
أو دمعةً أو شِجارْ
بعد أنْ يرجعَ الطيّبونَ مِنَ الدَّيرِ
أو جامعِ ابنِ الوليدِ ترى
عند زاويةِ الشمسِ
قبلَ حلولِ الأمانِ بنصفِ ظلامٍ
يحلِّقُ حلمُ الطفولةِ
حولَ الطريقِ الموشّى
بطبشورِ "ميسَ" الملوَّنِ
-مثلَ تفاصيلِها-
ألرصيفُ تكسَّرَ مجذافُهُ
مِنْ عناقِ "الدَّحاحيلِ" أو منْ دبيبِ الألمْ
"ألحديقةُ" مزروعةٌ بالحنينِ وبالقُبلاتِ
ولوحاتِ مَنْ حفروا
في جذوعِ البداياتِ أسماءَهُمْ كي
تظلَّ علامة أحلامِهم فارقهْ
ألمصابيحُ معقوفة الذكرياتِ
ترى فوقَ هالتِها "البقَّ"
يسبحُ في نهرِ ذاكرةٍ خانقهْ
ألذبابُ يُعلِّقُ لافتةَ الذكرياتِ
على صدْرِ "غزْلِ البناتْ"
"شجْرةُ التينِ" مدّتْ تقاسيمَها
لعناقٍ مع الشمسِ
تفردُ ظلَّ ابتسامتِها
حيثُ تأتي النساءُ تمارسْنَ
غزْلَ الوشايةِ عن غائِبهْ
ألشبابيكُ منذُ الجلاءِ
على حالِ فرحتِها عاثَ فيها الصدأْ
ألعناقيدُ تجهشُ بالفرحةِ الخائفهْ
عشَّشَ العنكبوتُ على كلِّ مفْرقِ حلْمٍ
وطينُ الأماني تعتّقَ ...
في صَمْتِهِ أنَّةٌ شاهقهْ
لا حدودَ على الأسطحهْ
شرفةٌ غائمٌ وجهُها ههنا
وهناكَ جدارٌ تهدَّمَ مِنْ ثقلِ أحلامِهِ
نهرُ حارتِنا أبيضُ البوْحِ
ينبُعُ منْ بيتِ "فدوى" يصبُّ
بدكّانِ بيعِ الخضارْ
يسهرُ المُتعبونَ على
صمتِ " هيفا و روبي "
فتصعدُ أرواحُ أحلامِهمْ
بانتهاكٍ لحُرمةِ أيامهمْ
حين يطْفحُ كيلُ التمني يهبّونَ
نحو الشخيرْ
عطْرُ "مصفاةِ حمصَ"
يُعتِّقُ جوَّ الأمانِ بحارتِنا
حيُّنا ذائعُ الفقرِ
لكنَّهُ مسكنٌ دافئٌ للجوارْ







الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.