مِنْ وجهة نظر البحر - قمر صبري الجاسم | القصيدة.كوم

0


837 | 0 | 0 | 0




طَفَحَتْ بعُزْلَتِها الأماكنُ
واستثارَتْ فيَّ شَدْوَ حنانِهِ
مُذْ كان ينفضُ عن غيابي الوقتَ،
يَمسحُ غُصَّةً
عن وجْهِ قلبي ثمَّ
يقطنُ بي كراحِلَةٍ
أعدَّتْ كلَّ زادِ الشوقِ
إلا الحُلْمَ ....جفّْ
لا ليسَ ذنبُ البحر، أو ذنبي ولا
ذنبُ القصيدةِ
سوف أرجعُ ، قلتُ في نفسِ القصيدةِ
: "سوف تبقى ألفَ عام ٍ" .
بلْ ستبقى ألفَ ألفْ
ستعودُ ضِحْكَتُها مِنَ المنفى ، ويجْدرُ
أنْ أعودَ بِها إلى شطآنِهِ
سَمْعاً طويلَ الجُرْحِ
إنْ بلَّلْتُهُ بالبحرِ حَفّْ .
كانَ الصباحُ فريسةَ البردِ الشديدِ
فقلتُ أفضلَ كي أكونَ بمفرَدي
أو وقْعُ صمتِ الناسِ
في خَلَجاتِ صدْرِ البحرِ خَفّْ
حين اقتربتُ الموجُ هلَّلَ
جَوْقَةُ البحرِ استعدَّتْ للغناءِ
و كنتُ أسمعُ صَوتَ "عوْدٍ"
في صدى الأمواجِ مُمتزجاً "بِدَفّْ"
صفَّتْ على الرملِ
البطاريقُ الصغيرةُ
- مثلَ رتْلٍ عسكريٍّ - بعضَها
و تحيّةً لي
كلّما اقتَرَبَتْ إلى كينونتي الأمواجُ
صفَّقَتِ النوارسُ
ثمَّ طارتْ في الفضا رفّاً فَرَفّْ
فبَدَتْ كلابُ البحرِ
تلبَسُ زيّها الرّسميَّ
ترشقني بملحِ البحرِ
مِنْ صفَّينِ لَمْ يتلاقيا
صفٌّ يطأطئُ شَوقَهُ
لتحيَّتي
و بِصَوْتِ عِشقٍ واحدٍ
يتلو على القلبِ القصيدةَ ذاتَها
مِنْ نِصفِها الأعلى ويُكْمِلُ
نِصفَها المجروحَ صَفّْ
مِنْ وقْعِ تحريكِ الزَّعانِفِ
حينَ أدَّتْ رقصةَ الأحلامِ
أسماكٌ ملوَّنةُ الثّيابِ
الموجُ هامَتْ روحُهُ
و لكي تَمُرَّ خلالَهُ مِنْ ثُقْبِ دائرةٍ
_ كما في السيركِ _
عكسَ الريحِ لفّْ .
بَدَتِ المراكِبُ مثلَ جمهورٍ غفيرٍ
حَولَ صَدْرِ الجسرِ
حيثُ الحوتُ مثَّلَ صمْتُهُ دَوْرَ المُهرِّجِ
أجملُ البَجَعاتِ غنَّتْ ما كتبتُ
عنِ البُحيرةِ
ثمَّ مثَّلتِ الجزيرةُ دَوْرَ عاشقةٍ
أثاروا شُبْهةً عن عشقِها للبحرِ
لَغْطاً ، في زواريبِ المياهِ
لكي تُدافِعَ عن مَشاهِدِها .
لسانُ حنانِها في الردِّ عفّْ
عَكَسَ الغروبُ
على المياهِ قصيدتي
فَبَدَتْ كأنَّ حروفَها
ضوءٌ يسيرُ ، الماءُ خُفّْ
ما كنتُ أنوي أنْ أُعكِّرَ صفْوَ فرحَتِهِ
بما قيلَ
استَثارَ محبتي عندَ العتابِ
:" لِمَ اعتكفتِ عنِ الحضورِ" !
الصمتُ شَفّْ
ها ظلَّ وجهُ البحرِ مكتئباً
لأني قلتُ للأمواجِ
كيفَ تكلَّموا عن عُريها .. بالشرِّ
أسدَلَ دمعةً
و مضى يُقلِّبُ حزنَهُ
النيرانُ تحرِقُهُ
ويضربُ في المدى
كفاً بكفّْ .







الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.