الرحلة الثامنة للسندباد الشعري - شاكر الغزي | القصيدة.كوم

شاعرٌ عراقيٌّ (1978-) متفرّد لامتلاكه رؤيته الخاصة في القصيدة. وله العديد من الجوائز العربية.


2893 | 5 | 0 | 1




-1

من بلادِ السَّوادِ أَتيتُ
وفي جعبتي الموتُ أحمرَ
يصهَلُ مثلَ الخيولِ التي لم تروَّضْ
وفي يديَ القمحُ أَسْودَ
مثلَ القلوبِ
وتحتَ خطى قدميَّ قرىً
أُمطرتْ من غبارِ التواريخِ
صارتْ رماديَّةَ الروحِ ... قانيةَ الأنبياءْ


-2

من بلادِ السَّوادِ أَتيتُ
وفي فميَ الماءُ والدمُ يختصمانِ
فلا أستطيعُ التنفُّسَ
ما عادَ لي في الفضاءِ هواءٌ
ولي رئةٌ
ثقَّبتْها رصاصاتُ مَنْ سمَّيتُهمْ إخوتي

-3

من بلادِ السَّوادِ أَتيتُ
تركتُ ورائي الثكالى ينُحْنَ
وخلَّفْتُ شِيباً يلوكونَ تبغَهمُ الحارَ كي يَبْرَدوا
والحوائطَ زينتُها لافتاتُ النعاةِ
وجبريلُ خلَّفتُهُ يشطبُ الفاتحةْ


-4

من بلادِ السَّوادِ أَتيتُ
على كاهلي لَبِناتٌ لقبري
وسِدْرٌ
معي كفَنٌ
ومعي سعفتانِ
هناكَ تعلَّمْتُ كيف أُجهِّزُ نفسيَ للموتِ
كي لا أُؤخِّرَهُ
ربّما فجأَةً نلتقي


-5

من بلادِ السَّوادِ أَتيتُ
وما لا رأتْ أعينُ الحالمينَ رأيتُ
فجنَّةُ شدَّادَ خضراءَ كانتْ
يُذادُ الردى عن حماها وتطردُ كلُّ الدوابِ
وفيها ثلاثونَ قيصرَ
لا يأكلونَ الطعامَ ولا يلبسونَ الثيابَ
لهم قططٌ لا يلدْنَ سوى في البنوكِ
ولا يتحمَّمْنَ إلا بنفْطٍ ثقيلْ
وعلى خطوةٍ
خلْفَ سورِ المدينةِ
كانَ السَّواديُّ يأكلُ لحْمَ أخيهِ ويشربُ من دمِهِ
والمدارسُ كانت مُسَيَّجةً بالظلامِ
وفي سوقِ بغدادَ كانت تُباعُ النساءُ بفتوى
وتنكحُ في ظلُماتِ المقاصيرِ مَنْ لا حمامَ على صدرِها
هكذا ... درَجَ السلفُ الصالحونَ
رأيتُ عزازيلَ لا يتخفَّى
يُسلِّمُ والناسُ مبتهجينَ يردُّونَ أحسنَ منها
ومن تعبٍ عزرئيلُ تمدَّدَ فوقَ الرصيفِ
يلمْلمُ أطفالَ مدرسةٍ عائدينَ
وما وصلوا صفحةَ الدارِ
ساطعُ مزَّقها من قراءَتِهِ
تاركاً نارَ أحقادِهِ تأكلُ الدورَ والساكنينْ








الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.