الإسكافيُّ - عبدالله سرمد الجميل | القصيدة.كوم

شاعر عراقي (1993-)


1048 | 0 | 0 | 0




الإسكافيُّ الأوّلُ:
أيّامَ التجنيدِ الإلزاميِّ أعدمُوا إسكافيّاً ،
بخلطةٍ سِحريَّةٍ كانَ يُصيِّرُ القَدَمَ رَحَّاءَ ،
أي مُسْتَوِيَةَ الأَخْمَصِ لا قوسَ فيها ،
وهذا عُذْرٌ طِبِيٌّ للإعفاءِ من حروبِ الرئيسِ ،
*
الإسكافيُّ الثاني:
امتنعَ الإسكافيُّ من رَتْقِ حذائي ،
قالَ: كن حافياً فالقدمُ حذاءُ الجسمِ ،
*
الإسكافيُّ الثالثُ:
في العراقِ يَخيطُ الإسكافيُّ أحذيتَنا بقياساتِ أيدينا ،
فأقدامُنا بُتِرَتْ مُذْ داسَتِ الألغامَ ،
*
الإسكافيُّ الرابعُ:
ذخيرتي نَفِدَتْ ،
عدوّيَ يدنو ،
وقدمايَ من زجاجٍ ،
*
الإسكافيُّ الخامسُ:
يقولُ أجدادُنا: الحذاءُ الغريبُ في مدخلِ البيتِ علامةُ الضيفِ ،
إذن هذا فأْلُ خيرٍ يا جارتي الأرملةَ ،
*
الإسكافيُّ السادسُ:
قدمايَ بعيدتانِ عن رأسي ،
أُوشِكُ ألّا أراهما ،
أأنا طاغيةٌ ؟!
*
الإسكافيُّ السابعُ:
عارٌ على صبّاغِ الأحذيةِ ،
إذا قشطَ الطينَ المُتيبِسَ من حذاءِ الجنديِّ ،
*
الإسكافيُّ الثامنُ:
قبلَ أن يُدنِّسَ الخليفةُ جامعَ النوريِّ في المَوْصِلِ ،
وقبلَ أن يهدِمَ جامعَ النبيِّ يُونُسَ ( عليهِ السّلامُ ) ،
كانَ إسكافيٌّ يخلَعُ حذاءَهُ في الباحةِ ،
ولئلّا يُسرَقَ كانَ يُعبِّئُهُ قمحاً ،
ثمّ ينجذبُ الحَمَامُ منَ القُبَّةِ والمئذنةِ ،
.
.
.
ماتَ الحَمَامُ ،
نزَحَ الحَمَامُ ،
وباتَ الحذاءُ ينشِجُ ،
*

الإسكافيُّ التاسعُ:
هذا الصباحَ تجافى حذائي عنّي ،
كلّما مددْتُ قدمي لِأنتعلَهُ قفزَ كأرنبٍ في زوايا الغرفةِ ،
قرَّرْتُ أن آخذَهُ إلى طبيبِهِ الحذَّاءِ ،
ثبَّتَهُ الحذّاءُ على المِحْذَى ،
وقالَ لي: لقد خُنْتَهُ معَ أحذيةِ المنافي ،
خُذْ حذاءَكَ إلى عشبِ العراقِ يتَّسعْ ،
ضعْ حذاءَكَ على أَسْفَلْتِ المنافي يَضِقْ ،
*
الإسكافيُّ العاشرُ:
وصيَّتي أن تدفِنوا حذاءَ حبيبتي معي ،
غداً حينَ تُفتَّحُ القبورُ ويسيرُ الناسُ إلى اللهِ ،
سألبَسُ حذاءَها وهو سيَدُلُّني على قبرِها ،
تلكَ التي لم تجمَعْني بها الحياةُ ،







الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.