ربما كنت في السادسة - كمال عبد الرحيم | القصيدة.كوم

شاعر مصري (1968-)


1956 | 0 | 0 | 0



ربما كنتُ في السادسة
حين غلَّقت البابَ مريمُ
حين استغَّلتْ مطاردتي للعصافيرِ
حين هَوَتْ بضجيجِ الأنوثةِ فوقَ دَمِي
حين غادرْتَنِي يا أبي
ربما كنت في السادسة
حين هبَّتْ رياحُ الخماسين
فوق مظلّة أمي
وحين دفنتُ دِمائي
بأول مقبرةٍ في المدينة
ربما كنت في السادسة
حين سلمتُ أرْصِفَتِي للحذاءِ
لشرذمةٍ مِنْ بَنِي وَطَنِي
ربما كنت في السادسة
حينما صرختْ طفلتي
في المساءِ
تطالبني بشراءِ الحليبِ
وحين انطفأتُ
تعرفتُ بالدمعةِ المستكينةِ
في غرف الليلِ
حين انطفأتُ
ربما كنت في السادسة
حين قالتْ مُعَلمتي:-
الخرائطُ مرهونةٌ
بدماءِ الأحبةِ
والانتفاضةُ مرهونةٌ
بانحناءٍ جديد
ربما كنت في السادسة
حينما سرقتْ فاطمة
سِرَّ أسرارِنا
وَسَقَتْهُ لأطفالها في الحليبِ
ربما كنت في السادسة
حين قالوا:- بلغتَ
فمزقتُ كُراستي المدرسيةَ
ثم كشفتُ خيوطَ التآمرِ للأصدقاءِ
وصغتُ القرارَ الأخير
ربما كنت في السادسة
حينما أخذتني الحكومةُ في بيتها
والحكومةُ لَمَّا تُصَادِرُ
تمنحنا فرصةً للتأَهُّلِ
تشرحُ للفردِ
كيف يكونُ النشيدُ الجميلُ
بلادي............. بلادي
ربما كنت في السادسة
حين بلَّغَني صاحبِي
بانكسارِ الزُّجاج
وصمتِ العواصمِ
حين رمى الهاتفُ المنزليُّ
بآخرِ مفردةٍ للقصيدة
ربما كنت في السادسة
حين شلتُ العواصمَ في كِفَّتِي
فانطلقتُ
ولونتُ خارطتي للفداءِ العظيم
ربما كنت في السادسة
حين سلمتُ راحلِتي
للهواءِ المفاجىءِ
فانتفضتْ
واشتققتُ من الجبلِ المستديرِ
منازلنا
ناقةَ الله
فاجتمعَ القومُ في قَتْلِها
ربما كنت في السادسة
حين راحتْ ربابُ
تدرِّبُني في الصباحِ
على قُبْلَةٍ
ستوصِّلُني للفِراش
ربما كنت في السادسة
حين حَلَّتْ ضفائرَها قريتي
وتَخَلَّتْ عن الشارعِ البحريِّ
مقابلَ أرغفةٍ في المساء
ربما كنت في السادسة
حينما طردتني العواصمُ
خارجَ أوردتي
خارجَ الوطنِ العربيِّ
وألقتْ بقافلتي
في مياهٍ محايدةٍ
ربما كنت في السادسة
حينما راودتني الفتاةُ
فقلت لها:- سامحيني
فما زلتُ في السادسة







الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.