شاعر عراقي من أكثر الشعراء العرب تأثيراً في العصر الحديث، يعتبر من رواد شعر التفعيلة في الأدب العربي (1926-1964)
1986 |
0 |
0 |
0
0 تقييم
إحصائيات تقييم قصيدة "رؤيا في عام 1956" لـ "بدر شاكر السياب"
عدد التقييمات: |
معدل التقييم: 0
5 star
0
4 star
0
3 star
0
2 star
0
1 star
0
لتقييم وتفضيل ومشاركة جميع قصائد وترجمات الموقع، يتوجب تسجيل الدخول. عملية إنشاء حساب جديد أو تسجيل الدخول لا تستغرق من وقتك دقيقة واحدة، وتتيح لك العديد من المزايا
قيم قصيدة "رؤيا في عام 1956" لـ "بدر شاكر السياب"
رؤيا في عام 1956 0
مشاركة القصيدة
1
حطّت الرؤيا على عينيَّ صقراً من لهيبْ
إنها تنقضُّ، تجتثّ السوادْ
تقطع الأعصابَ تمتصُّ القذى من كل جفنٍ، فالمغيبْ
عاد منها توأمًا للصبح أنهار المدادْ
ليس تطفي غلّة الرؤيا: صحارى من نحيبْ
من جحورٍ تلفظ الأشلاء، هل جاء المعادْ؟
أهو بعثٌ، أهو موتٌ، أهي نار أم رمادْ؟
أيها الصقر الإلهي الغريبْ
أيها المنقضُّ من أولمبَ في صمت المساءْ
رافعاً رُوحي لأطباق السماءْ
رافعاً روحي غنيميداً* جريحا
صالباً عينيَّ تموزاً مسيحا
أيها الصقرُ الإلهيُّ ترفّقْ
إن روحي تتمزّقْ
إنها عادت هشيماً يوم أن أمسيت ريحا
** **
في غيمة الرؤيا
يوم بلا ميعادْ
جنكيز هل يحيا
جنكيز في بغدادْ؟
عينٌ بلا أجفانْ
تمتدُّ من روحي
شدقٌ بلا أسنانْ
ينداح في الريحِ
يعوي أنا الإنسانْ
٢
يا جواداً راكضاً يعدو على جسمي الطريح
يا جواداً ساحقاً عينيَّ بالصخر السنابكْ
رابطاً بالأربع الأرجل قلبي
فإذا بالنبض نقرٌ للدرابكْ
وإذا بالنار دربي
سحَّت الرؤيا ضياءً من لظاها
صابغاً ما تبصر العين القريح
مازجاً بالشيء ظلَّهْ
خالطًا فيها يهوذا بالمسيحْ
مُدخلاً في اليوم ليلَهْ
بانياً في عروة المهد الضريحْ
الدماءْ
الدماءْ
الدماءْ
وحَّدَتْ بالمجرمينَ الأبرياءْ
نَصَّبَتْ في شدْقي الذئبةِ كرسيَّ القضاءْ
ماذا جنى شعبي؟
حلَّت به اللعنهْ
من زاده المحنهْ
رحماك يا ربي
من مائه الديدانْ
من لبسه الأكفانْ
من طيره الغربانْ
ينقرن في قلبي
واليوم في بيدري
لم يبقَ من حبّي
شيءٌ هنا حبّتان
فأمطري أمطري
وإن يكن نيرانْ
وأثمري أثمري
وإنْ يكن ثعبانْ
٣
ما الذي يبدو على الأشجار حولي من ظلالْ؟
منجلٌ يجتثُّ أعراق الدوالي
قاطعاً أعراق تموز الدفينهْ
وعلى القنّب أشلاءٌ حزينهْ
رأس طفلٍ سابح في دمهِ
نهد أمٍ تنقر الديدان فيه، في سكينهْ
أي آهٍ من دمٍ في فمهِ؟
ما الذي ينطف من حلمته، من لحمهِ؟
يا حبال القنّب الْتَفِّي كحيات السعيرْ
واخنقي روحي وخلّي الطفل والأمَّ الحزينهْ؟
يا حبالًا تسحب الموتى إلى قبرٍ كبيرْ
جفنةٍ قد هيَّئوها للوليمهْ
يا حبالاً تسحب الأحياء من شيخٍ كبيرْ
من فتاةٍ أو عجوزٍ، من ضلوعٍ حطموها
علّقت فيها تميمهْ
من صدورِ مزّقوها
زرعوا فيها بذورًا من رصاصٍ، من حديدْ
ما الذي تثمرُ هاتيك البذورْ
غير أحجار القبورْ؟
غير تفّاح الصديدْ؟
٤
تموز هذا، أتيسْ**
هذا، وهذا الربيعْ
يا خبزنا يا أتيسْ
أنبت لنا الحبَّ وأَحْيِ اليبيسْ
التأم الحفل وجاء الجميعْ
يقدِّمون النذورْ
يحيون كل الطقوسْ
ويبذرون البذورْ
سيقان كل الشجرْ
ضارعة، والنفوسْ
عطشى تريد المطرْ
شدّوا على كل ساقْ
يا ربّ، تمثالكْ
فلتسقِ كل العراقْ
فلتسقِ فلاّحيك، عمّالكْ
شدّوا على كلّ ساقْ
أوّاه، ما شدّوا؟
أوّاه، ما سمّروا؟
أغصان زيتوننا
أثقلها الوردُ
ورد الدم، الأحمرْ
شدّوا على كل ساقْ
يا ربّ تمثالكْ
فاسمعْ صلاة الرفاقْ
ولترعَ فلاحيك، عمّالكْ
تمثالك البعلُ
تمثالك الطفلُ
تمثالك العذراءْ
تمثالك الجانون والأبرياءْ
تمثالك الأمّ الشماليَّهْ
لأنها ليست شيوعيَّهْ
يُقطَّع نهداها
تُسمَل عيناها
تُصْلَبُ صلبًا فوق زيتونهْ
تهزها الريح الجنوبيَّهْ
تمثالك الآلاف، مجنونَهْ
من رعبها، تمثالك الأحمرْ
كأنه الشقيق إذ يزهر
٥
عشتار على ساق الشجرهْ
صلبوها، دقُّوا مسمارًا
في بيت الميلاد الرَّحِمِ
عشتار بحفصة مستترَهْ
تُدْعَى لتسوق الأمطارا
تدعى لتُسَاقَ إلى العدمِ
عشتار العذراء الشقراء مسيل دَمِ
صلُّوا هذا طقس المطر
صلّوا هذا عصر الحجر
صلّوا، بل أصلوها نارا
تموز تَجَسَّدَ مسمارا
من حفصة يخرج والشجرهْ
النهد الأعذر فاض ليُطْعِمَ كل فمِ
خبزَ الألمِ
"الأُقَّةُ" صاح القصاب:
"من هذا اللحم بفلسين"
اقطع من لحم النهدين
اللحم لنا، والأثواب
ستكون لمسح السكِّينهْ
من آثار دم الأطفالْ
من آثار دم المسكينهْ
فلتحيَ زنود العمالْ
في قلبي دمدم زلزالْ
فجنائن بابل تندثرُ
في قلبي يصرخ أطفالْ
في قلبي يختنق القمرُ
الظلمة تعبس في قلبي
والجو رصاصْ
والريح تهب على شعبي
والريح رصاصْ
أواه لقد هجم التترُ
فالصبح رصاصْ
والليل رصاصْ
٦
الرؤيا تلمح كالقلعِ
في بحر يُزبِد غضبانا
طورًا للأغوار وأحيانا
يعلو فنراه، وفي سمعي
أصداء تصمت أو تعلو
وبياني يغمض أو يجلو
** **
أيُّ حشد من وجوهٍ كالحاتْ
من أكفٍّ كالترابِ
نبتها الآجرُّ والفولاذ كالأرض اليبابِ؟
أي حشدٍ من ذئابِ؟
يطعمون الجو ريح المعملِ؟
أي نعشٍ، أي شكوى، أي دمعٍ من نساء ثاكلاتْ؟
أي جمعٍ من عذارى نادباتْ
أي موت مثكلِ
يا لعشتاراتنا يبكين تموز القتيلْ
** **
العازر قام من النعشِ
شخنوب العازر قد بعثا ***
حيٍّا يتقافز أو يمشي
كم ظل هناك وكم مكثا
أترى عامًا أم عامين؟
أم دامت ميتته ساعهْ؟
شخنوب العامل، من راعهْ؟
فتنكر للدينارين
وتواثب يركض مذعورًا؟
الموت الزائف خاتمةٌ
لحياة زائفة مثلهْ
والبعث الزائف عاقبةٌ
للموت الزائف من قبلهْ
* غنيميد: راعٍ يوناني شاب وقع زيوس كبير آلهة الأولمب الإغريقي في حبه، فأرسل صقرًا اختطفه وطار به إليه.
** أتيس يقابل تموز الإله البالي عند سكان آسيا الصغرى القدماء، يُحْتَفَلُ بِعِيدِهِ في الربيع، حيث يربط تمثاله على ساق شجرة. وحين تبلغ الحمية أوجها عند أتباعه وعابديه، يجرحون أنفسهم بالسيوف والمُدَى حتى تسيل دماؤهم قربانًا دلالة الخصب.
*** العازر الميت الذي أحياه المسيح من قبره، وشخنوب هو عامل السمنت الذي استأجره الفوضويون، فتظاهر بالموت وحملوه في النعش تشهيرًا بالجيش "الذي يقتل العمال" كما قالوا، ثم قام ماشيًا حين سقط النعش.
الآراء (0)
نحن نمقت الإعلانات، ولا نريد إدراجها في موقعنا، ولكن إدارة هذا الموقع تتطلب وقتاً وجهداً، ولا شيء أفضل لإحياء الجهد من القهوة. إن كنت تحب استخدام هذا الموقع، فما رأيك أن تشتري لنا كاسة قهوة على حسابك من هنا :)