مدن ناضجة - عبدالله أبو بكر | القصيدة.كوم

شاعرٌ أردنيٌّ من أصولٍ فلسطينيّةٍ. يعمل في الصحافة. وحاصل على العديد من الجوائز العربية.


1189 | 0 | 0 | 0




//عَمّان//

على حجرٍ ينامُ الضَّوءُ
موسيقا معلَّقةٌ على الأسوارِ
أحلامٌ تحكُّ الرِّيحَ
عشبٌ يفركُ المعنى
ويحملهُ على كتفِ النَّهارْ
هذي المدينةُ لا تملُّ السَّيرَ
لا تغفو إذا امتلأتْ شوارعُها بصوتِ الأرضِ
لا تبكي إذا جَرَحَ الصُّراخُ هواءها..
في كُلِّ زاويةٍ هُناكَ حكايةٌ
أو قبلةٌ سقطتْ
وصارتْ زهرةً فوقَ الرَّصيفِ
وربَّما صارتْ حقولًا
أو قصائدَ
أو شِعارْ
هذي المدينةُ لا تملُّ السَّيرَ
تسعى..
تسبقُ الأشجارَ والأنهارَ
والزَّمنَ الَّذي لمْ ينتظر أحدًا
على طَرفِ الطَّريقِ
ولمْ يعبّئ صوتَهُ بالأغنياتِ
فلمْ يقُلْ شيئًا
ولمْ يعبأ لهُ قلبُ المدينةِ
إنَّها..
عمّانُ
أوركسترا..
ورقصٌ طافحٌ كالمعجزاتِ
كصوتِ مَنْ عبروا إلى الجنَّاتِ
تحملهم طيورُ اللهِ..
والمدنُ الهِباتْ
هذي المدينةُ لا تملُّ السَّيرَ
ترفعُ صوتها
وتقولُ:
أهلًا بالحياةْ!
................

//أبو ظبي//

هُنا..
بينَ بحرٍ وبحرٍ
ونخلٍ ونخلٍ
وصحراءَ تعرقُ رملًا..
أرى شجرًا ناعمًا كالحريرْ
أرى كُلَّ شيءٍ يُضيءُ ويكبُرُ
يقطفُ مِنْ نجمةٍ..
نجمةً
وأرى في القليلِ.. الكثيرْ
أرى..
طائرًا عالقًا في سماء المدينةِ
أو زهرةً فوقَ سَطْرِ الطَّريقِ..
تُلوِّنُ عينيَّ
بحرًا رقيقًا..
يُعلِّقُ زُرقتَهُ في الهواءِ
أرى
ما تراهُ عُيونُ المُسافرِ
حينَ يُطلُّ على بيتهِ مِنْ بَعيدٍ
فيُسرعُ..
كي لا يُطيلَ المسيرْ
هنا..
بينَ بحرٍ وبحرٍ
وحقلٍ وحقلٍ
أسيرُ وأنظرُ..
ما أوسعَ الأرضَ
تلكَ الَّتي كلَّما سرتُ في شارعٍ فوقها
وانتهى..
لا يكونُ الأخيرْ.
.................


//تونس//

أعلى مِنَ القلبِ..
أعلى مِنْ فمي ويدي
تلكَ البلادُ الَّتي في الرُّوحِ ترتاحُ

أعلى وأشهى..
وبي شِعرٌ يحاولها
كي ينهضَ الماءُ
أو في الكفِّ ينداحُ

في كُلِّ بيتٍ
هُناكَ البحرُ مبتدأٌ
والأغنياتُ،
بسقفِ البيتِ مِصْبَاحُ




"أنا الشّآميّ لو شرّحتمو جَسدي"
للاحَ في شجرِ الخضراءِ تفّاحُ

ورحتُ أشهدُ
أنَّ الأرضَ واسعةٌ
وأنَّ في حُزنها
تشتدُّ أفراحُ

هِيَ المدينةُ والمعنى
وكُلُّ يدٍ مدَّتْ سلامًا
وقالتْ:
ها هُنا الرَّاحُ

مُذْ قلتِ إنَّكِ للعشَّاقِ جنَّتهم
فيكِ استوى عِشْقُ مَنْ حلَّوا
ومَنْ راحوا

فيكِ انتبهتُ إلى الدُّنيا وبهجتِها
وفيكِ مِنْ عنبِ الجنَّاتِ أقَدْاحُ

إنِّي على بحركِ السِّحريِّ أشرعةٌ
إنِّي ببابكِ
يا خضراءُ
مِفْتَاحُ!

.......................



//أصيلة//

إلى ابنها وأبيها..
محمد بن عيسى


في أصيلةَ
يعرفُ بحرُ المدينةِ مَنْ يذهبونَ إليهِ
الزُّهورُ تُغنِّي
التُّرابُ نشيدٌ طويلٌ
ولحنٌ..
يدُلُّ الطُّيورَ إلى أينَ تمضي
وكيفَ تطيرْ..
***
في أصيلةَ..
يدركُ أهلُ الحياةِ
بأنَّ النَّهارَ ظلالٌ مِنَ الوردِ
أنَّ المباهجَ..
ممكنةٌ كالصَّباحِ
وأنَّ الطَّريقَ الطَّويل إليها..
قصيرْ
***
في أصيلةَ
لا يركبُ النَّاسُ ظهرَ الحياةِ
ولكنْ..
يجرُّونها خلفَهُمْ..
كي تسيرْ.
...........................
//دمشق//

إلى فتاة دمشقيَّة كانتْ تحملُ وطنها الكبيرَ كاملًا
في قلادةٍ صغيرة




فوقَ قلادَتِها
كانتْ صورةُ سورِيّا أجملَ
كانتْ أعلى..
أحلى..
وأَرَقْ
كنتُ أرى آلافَ النَّجماتِ
وآلافَ المُدُنِ
ووطنًا يتوحَّدُ..
ودِمشقْ.







الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.