ليالي كليوبترا - علي محمود طه | القصيدة.كوم

شاعر مصري رومانسي، شعره ملون بنكهة سياسية (1901-1949)


2394 | 3 | 0 | 2




ألحان وغناء: محمد عبد الوهاب


كليوبترا! أيُّ حُلْمٍ منْ لياليكِ الحسانِ
طافَ بالموجِ فغنَّى وتغَنَّى الشاطئانِ
وهفَا كلٌّ فؤادٌ وشدا كلُّ لسانِ
هذه فاتنةُ الدُّنيا وحسناءُ الزمانِ
بُعِثَتْ في زورقٍ مُسْتَلْهمٍ من كلِّ فنِّ
مَرحِ المجدافِ يختالُ بحوراءَ تُغنِّي
يا حبيبي، هذه ليلةُ حُبِّي
آهِ لو شاركتَني أفراحَ قلبي!
**

نبأةٌ كالكأْسِ دارتْ بين عُشَّاقٍ سُكارى
سَبَقَتْ كلَّ جناحٍ في سماءِ النيل طارا
تحملُ الفتنةَ والفرحةَ والوجدَ المثارا
حلوةً صافيةَ اللحن كأَحلام العذارَى
حُلْمُ عذراءَ دعاها حُبُّها ذات مساءِ
فَتغنَّتْ بشراعٍ من خَيال الشعراءِ
يا حبيبي، هذه ليلةُ حُبِّي
آهِ لو شاركتَني أفراحَ قلبي!
**

وتجلَّى الزورقُ الصاعدُ نشوانَ يَميدُ
يتَهدَّاهُ على الموج نَواتيُّ عبيدُ
المجاديفُ بأيديهمْ هتافٌ ونشيدُ
ومُصَلُّونَ لهم في النهرِ محرابٌ عتيدُ
سَحرَتْهُم رَوْعَةُ الليلِ فَهُمْ خَلْقٌ جديدُ
كلهمْ ربٌّ يُغَنِّي وإلهٌ يستعيدُ
يا حبيبي، هذه ليلةُ حُبِّي
آهِ لو شاركتَني أفراحَ قلبي!
**

اِصدَحي، أيتها الأرواحُ، باللحْنِ البديعِ
اِمرَحي، يا راقصات الضوءِ، بالموج الخليعِ
قَبِّلِي، تحت شراعي، حُلُمَ الفنِّ الرفيعِ
زورقًا بين ضفاف النيلِ في ليلِ الرَّبيعِ
رنَّحتْهُ موجةٌ تلعبُ في ضوءِ النجومِ
وتُنادِي بشعاعٍ راقصٍ فوقَ الغيومِ
يا حبيبي، هذه ليلةُ حُبِّي
آهِ لو شاركتَني أفراحَ قلبي!
**

ليلُنا خمرٌ وأشواقٌ تُغَنِّي حولنا
وشراعٌ سابحٌ في النُّور يَرْعَى ظِلَّنَا
كان في الليل سُكارَى، وأفاقوا قبلَنَا
ليتهم قد عرفوا الحبَّ فباتوا مثلنا
كلَّما غرَّد كأْسٌ شربوا الخمرةَ لحنا
يا حبيبي، كلُّ ما في الليل روحٌ يتغنَّى
هات كأْسي، إنَّها ليلةُ حُبِّي
آهِ لو شاركتَني أفراحَ قلبي!
**

يا ضِفافَ النيلِ باللهِ ويا خُضْرَ الروابي
هل رأيتنَّ على النهر فتًى غَضَّ الإهابِ
أسمرَ الجبهةِ كالخمرةِ في النُّورِ المذابِ
سابحًا في زورقٍ من صُنْع أحلامِ الشبابِ؟
إن يكُنْ مَرَّ وَحَيَّا من بعيدٍ أو قريبِ
فصفيهِ، وأعيدي وصْفَهُ، فهو حبيبي!
يا حبيبي، هذه ليلةُ حُبِّي
آهِ لو شاركتَني أفراحَ قلبي!
**

أنتِ يا من عُدْتِ بالذكرى وأحلام الليالي
يا ابنةَ النَّهر الذي غَنَّاهُ أربابُ الخيالِ
وتمنَّت فيه لو تسبحُ ربَّاتُ الجمالِ
موجُه الشَّادي عشيقُ النُّور، معبودُ الظلالِ
لم يَزَلْ يَروِي، وتُصغي للرواياتِ الدهورُ
والضفافُ الخضْرُ سكرَى، والسَّنا كأْسٌ تدورُ
حُلْمٌ لم ترْوِهِ ليلةُ حُبِّ
فاذكريه، واسمعي أفراحَ قلبي!





الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.