قصاصات من ذاكرة الغياب - محمد الأمين جوب | القصيدة.كوم

شاعر سنغالي مقيم في المغرب، له مشاركات شعرية عديدة (1991-)


868 | 5 | 0 | 1



أنَا الرَّجُلُ المُشَاكِسُ فِي المَرَايَا
وُلِدْتُ هُنَاكَ مُشْتَبِكَ الحَنَايَا
عَلَى أَعْلَى المَعَالِي سِرْتُ طِفْلاً
وَ شَمْسُ الأَرْضِ ظِلٌّ فِي خُطَايَا
حَمَلْتُ الدَّهْرَ فِي كَفِّي صَغِيرًا
وَ حِينَ كَبرْتُ لَمْ تَلِدِ الضَّحَايَا
جُرِحْتُ، فَصَاحَ أَلْفُ دَمٍ فَصِيحٍ
أُعِيدُ مَلاَمِحِي نَايًا فَنَايَا
وَ لِدْتُ هُنَاكَ مُكْتَئِبًا وَ لَكِن
جَعَلْتُ مَخَاوِفِي فِي البَرْدِ شَايَا
أُسَافِرُ فِي الأَقَاصِي مِثْلَ طَيْرٍ
وَ أَطْربُ حَيْثُمَا طَربَت صبَايَا
بِلاَ شَجَنٍ سأَصْنَعُ فِي المَنَافِي
جِنَانَا كَيْ تَرَى أَسْمَى رُؤَايَا
بِهَذَا الجُبِّ يُولَدُ كَلَّ مَجْدٍ
بِهِ صُنِعَتْ مَوَاوِيلُ الحكَايَا
.......
سَيَقْتَرِبُ الأَنِينُ إِلَيْكَ شِبْرًا
فَعَتِّقْ، إِنَّكَ المَفْتُونُ كِبْرَا
وَ قُلْ مَن أَنتَ؟ هَاتُوا كَلَّ جَمْرٍ
أَشُقُّ الدَّرْبَ بِالشّجْعَانِ صَبْرَا
لَدَى الوَادِ المُقَدَّسِ كُنتُ شَيْخًا
وَ هَا أَنَا عُدْتُ أَصْغَرَ مِنكَ عُمْرَا
مَدَايَ تُعَلِّمُ الدُّنيَا اكْتِمَالاً
لِتَنبَجِسَ المآذِنُ فِيَّ فَخْرَا
وَ تَندَلِعُ المَرَاثِي حَيْثُ تَخْطُو
وَ تُطْلِقُ للهَوَى سِرًّا فَسِرَّا
أُعَرْبِدُ فِي القَوَافِي كُلِّ أنثَى
وَ أبْتَكِرُ المَعَانِي فيكِ بَحْرَا
و تَشْتَمُّ الوُرُودُ عَلَى وُرُودٍ
وَتَنحِتُ فِي غُصُونِ القَلْبِ فِكْرَا
و تَندَاحُ الصَّبَابَةُ مِثْلَ نَهْرٍ
فتَكْتَسِحُ الصَّحَارِي ثَمَّ قَهْرَا
........
أنَا المَنسِيُّ فِي جُرُفِ التَّمَنِّي
أَدُورُ أَدُورُ فِي دَمِ كُلِّ فَنِّ
إلَى المَقْهَى إِلَى حَدْسِ الحُيَارَى
إلَى خَلَفِ الوُجُودِ أَتِيهُ عَنِّي
سَتَسْبِقُنِي اللُّغَاتُ بِأَلْفِ قَرْنٍ
وَ تَشْتُمُنِي بمَرْعَى كُلِّ بُنِّ
وَ تُسْكِرُنِي عَلَى عُلَبِ الثَّوَانِي
وَ تُفْرِغُنِي مَزَابِلُ كُلِّ دَنِّ
وَ يسْرِقُنِي عَلَى البَحْرَيْنِ حُوتٌ
يُطَارِدُ يُونُسًا مَا بَيْنَ ذِهْنِي
عَلَى التَّابُوتِ سَمَّانِي اغْتِرَابِي
بِمُوسَى مُذْ تنَاءَى ألفُ ظَعْنِ
وَ تَحْتَ العَنكَبُوتِ يَجِيءُ طِفْلاً
يُسَمِّينِي بِمُعْجِزَةٍ فيُثْنِي
يُسَافِرُ دَهْشَةً رَهْنَ الفَيَافِي
يُكَرِّرُنِي كَفَاتِحِ أَيِّ قَرْنِ
......
أَلُوذُ هُنَاكَ لِي وَطَنٌ وَ مَلْهَى
خُذِي وَرْدِي بِجِلْدِ الرُّوحِ لَهْفَا
مَعِي وَلَهُ الخُرَافَةِ بَيْدَ أَنِّي
بِغَيْرِ الحُبِّ لاَ أَنسَلُّ سَيْفَا
خُذِي مِنِّي أَنَاشِيدِي القُدَامَى
وَطِيرِي إِن مَرَرْتُ رُبَاكِ طَيْفَا
قَدَاسَةُ كَلِّ شَيْءٍ ضَيَّعَتْنِي
فَعِشْتُ مُعَذَّبًا وَجْهًا وَ طَرْفَا
عَقَاقِيرُ التَّنَاقُضِ شُرْبُ قَلْبِي
أَفُضُّ الليْلَ وَ الكَلِمَاتُ زُلْفَى
أَسَيِّدَةَ الجَمَالْ وَ نبْضَ قَلْبِي
فَكمْ صُغْتُ البَلاَغَةَ فِيكِ وَصْفَا
وَكَمْ ذَوَّبْتُ فَلْسَفَةَ ابْنِ رُشْدٍ
لِأَنطِقَ وَ التَّلَعْثُمُ فِيَّ أَوْفَى
جَمَعْتُ الدَّهْرَ أَوْرَاقًا /مِدَادًا
فَلَمَّا جِئْتِ مَا أتْقَنتُ حَرْفَا





الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.