من آخر الدهشة إلى أول الذكرى - عبد العزيز المقالح | القصيدة.كوم

شاعر وناقد وأديب يمني، يعتبر أحد أبرز الشعراء العرب في العصر الحديث وفي مقدمة شعراء اليمن المعاصرين. حائز على جائزة العويس الثقافية دورة 2008-2009 في مجال الشعر (1937-2022)


533 | 0 | 0 | 0




قبلَ الشعر،
وقبلَ الكلمات،
وقبل الإنسان،
كان الخالق قد كتبَ الأرضَ
وسوّرها بالبحر
وزيَّنها بالغابات
وبالأنهار
وأبدع في تلوين الأشجار
وفي ضبط مساحات
الضوء .
وكان -تعالى-
قد شق سهولاً وحقولاً
وأقام تلالاً وجبالاً
وأطلّ من الملأ الأعلى
ليرى ما صنعته على صدر الأرض
يداه .
* * *
فتح الشاعرُ ذات صباحٍ
عينيه على هذا المشهد
والخلق المنظوم
ابتلعته الدهشةُ
ساوره شوقٌ للشعر
حاول أن يكتب ساقيةً بالقرب
من النهر
فلم تسعفه الكلمات
وحاول أن يكتب غصناً
بالقرب من الغابة
سخرتْ منه الأشجار
فألقى الأوراق إلى البحر
وأعلن عن خيبتهِ
القصوى.
* * *
أبداً
لا يتوازى ما يكتبه الشعراء
على الأوراق
بما يكتبه الخالق في صفحةِ
هذا الكون الممتد
طرياً
وبهياً.
عند أقاصيهِ
يتجلى الأشهى
والفاتن
والمخفورُ بهالات ظلالٍ
شاخصةٍ
وظلالٍ خافيةٍ
لا يدركها الغارق في ملكوت الدهشة
إلاَّ بلسان الروحْ .
* * *
ما الدنيا؟
ما الشعر؟
وما الموسيقى؟
ما هذا الصوتُ القاتمُ والطالع
كفراشاتٍ من خلف صباحات الأرض،
ومن تحت نجوم الله
حيناً يمشي فوق أصابعهِ
مبتهجاً
وأحايين يجيء
إلى هذي الدنيا كبكاءٍ
مجروحٍ؟
لا يبقى شجر أو حجر
لا يبكي لوعته؟
هل هو صوتُ الشاعر
عاد من العزلةِ
مغسولاً بالتوبةِ
محمولاً في تابوت
الكلمات؟!
* * *
حين يرى الشاعرُ
مخلوقاتِ الله على هيئتها المكتملةِ
المثلى
يسمع منها ما لا يُسمع
ويرى ما ليس يُرى
حينئذٍ يصحو
ويمد يديهِ إلى أوراقٍ
يابسةٍ
كي تخضّر إذا لامسها الشعر
وأدركها شيٌ
من أصداء طفولته
مختلطاً بنداء الأمِ
وأصواتٍ تأتي
من أغوار الزمن الأبعدْ .
* * *
سبحان الله؟
لقد أعطاني الشعرَ
على طبقٍ مكتظٍ
بحليب الساعات الأولى
من عمر الجسد الهش
وبصّرني كيف أرى في وجهِ
سماءِ الدنيا
لغةً وقصائدَ ،
علَّمني أن لا أقرأَ بالعين
ولكن بالقلب
وأن أتحسس آلامَ الأرض
وأحزان البحر
بوجدانٍ صافٍ
خالٍ من إغواء الجسد
الفتان .



* من ديوان (بالقرب من حدائق طاغور)


الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.




البكاء بين يَدَيْ صنعاء
( 3.1k | 5 | 6 )
فاتحة
( 2.8k | 5 | 0 )
ابتهالات
( 2.7k | 0 | 5 )
الحرب
( 2.6k | 5 | 6 )
مختارات من كتاب صنعاء
( 2.3k | 5 | 2 )
اليمن
( 2.1k | 0 | 0 )
بكائية لعام 2016م
( 1.4k | 5 | 4 )
أعلنتُ اليأس
( 1.1k | 0 | 4 )
لستَ وحدك
( 1k | 5 | 3 )
امتنان
( 991 | 0 | 1 )
الشمس تتناول القهوة في صنعاء القديمة
( 973 | 5 | 2 )
في جلال الصداقة
( 964 | 0 | 3 )
صنعاء تحت قصف المجاعة
( 920 | 0 | 0 )
رسـالـة
( 829 | 0 | 0 )
عند منتصف الليل
( 809 | 0 | 0 )
بِالقُرب مِن حَدائِق طاغُور
( 782 | 0 | 1 )
نافذةٌ على الرُّوح
( 780 | 5 | 3 )
رسالة مفتوحة إلى الوطن
( 742 | 0 | 0 )
من هلوسات الحرب
( 712 | 0 | 0 )
القصيدة.. أُمي
( 709 | 0 | 2 )
أَبعدوا الشعر عني
( 695 | 0 | 1 )
في المرايا
( 676 | 0 | 0 )
يا ليل
( 666 | 5 | 0 )
تساؤلات
( 649 | 0 | 1 )
أن تكتب شعراً
( 645 | 0 | 1 )
اللوحة 25 من "كتاب القرية"
( 630 | 0 | 0 )
يوتوبيا
( 614 | 0 | 0 )
العجوز والمقهى
( 613 | 0 | 0 )
نداء
( 613 | 0 | 0 )
بيتٌ في الريف
( 612 | 0 | 1 )
في البكاء على زمن الصداقة
( 589 | 0 | 1 )
من آخر الدهشة إلى أول الذكرى
( 583 | 0 | 0 )
سمر قند
( 576 | 0 | 0 )
مرايا الضوء
( 570 | 0 | 0 )
رؤيا
( 564 | 0 | 0 )
الوصيّة
( 560 | 0 | 0 )
صوفية
( 560 | 0 | 0 )
كـان يعجبني
( 555 | 0 | 1 )
مدن وأماكن يمانية
( 550 | 0 | 0 )
ارفع رأسَك
( 549 | 0 | 0 )
ذهـول
( 542 | 0 | 0 )
كوابيس وأحلام
( 540 | 0 | 0 )
القبر والخيول المهاجرة
( 536 | 0 | 0 )
لا شيءَ في مكانه
( 519 | 0 | 1 )
اللوحة 15 من "كتاب القرية"
( 500 | 0 | 0 )
غَزَّةُ تكتب قصائدَ الدّم والانتصار*
( 483 | 0 | 2 )