وحي من سدة الغيم - حسن طواشي | القصيدة.كوم

شاعرٌ سعوديٌّ (1987-) حاصل على جائزة شاعر شباب عكاظ.


3254 | 0 | 0 | 0




على رِيَاحِ الأمَانيْ يُبحِرُ الأمَلُ
في كَفِّهِ لَغدٍ من أمسِهِ رُسُلُ
مِجدَافُهُ آيَةُ الأجدَادِ يَحمِلُهُ
فَجرٌ تَراقَصَ في أحدَاقهِ الأزَل
تَنْأى بهِ الرّيحُ عن غَاياتِ زَنبَقةٍ
كَأنَّما العُمرُ حُلمٌ والدُنا سُبلُ
يُترجِمُ الماءَ حِبْراً والسَّمَا صُحُفاً
لِيستِحمَّ بلِيلِ الحرفِ -مُبتَهِلُ-
يرسُو على طِينِ أحلامٍ يُزَخِرفُها
ضَوءاً فَتنبتُ في أعشَابهِ قُبلُ
لا جَفنَ للوَقتِ يَغفُو كي تُحاصِرَهُ
تَسويفةُ الرُوحِ والنَاياتُ تَبتهلُ
جُهدٌ وفِكرٌ هُما زَادَاهُ في سَفرٍ
ومَرفأُ الغَيمِ تَقفُو أُفقَهُ الشُّعَلُ
يُؤثِّثُ الشِّعْرُ مِنْ آمالِهِ وطَنًاً
فتستفيقُ على أندائهِ الخَضِلُ
آياتُهُ بالرؤى تَزكُو مَصَاحِفُها
ودَمعَةُ الحِبرِ فوق السطرِ تَندملُِ
كم من ضَريرٍ يُعيرُ الشمسَ مُقلَتهُ
ومُبصرٍ باتَ من عَينيِهِ يَكتَحلُ
ُبَنى بعمقِ السَّما أركانَ مملَكةٍ
حُجّابُها الزَّهْرُ يسقيها فتنهطلُ
على جِياعِ الأمانيْ لَحنَ أُغنِيةٍ
خَضراءَ يهميْ على آيَاتِها الوشَلُ
(أعشى) تَألَّقَ في أهدَابِ هِمّتِهِ
غَيمٌ فَأينعَ قَمحُ الفِكِر لا الوَجلُ
فكيف نُخْضِعُ للأيامِ خَيلَ نُهَىً
والحُلْمُ أجمَلُ مِنْ أضغَاثِ مَنْ فَشِلوا
كُنْ فِكْرَةَ الغدِ تأبى أن يَحَرِّرَها
ما يُوقظُ الضوءَ ظِلّاً ثمّ يَنسَدلُ
ُكُنْ أنتَ أنتَ فإنّ الشمسَ يُحرِقَها
طُولُ انتِظِاركَ ولْهَى كُلُّها مُقلُ
ُمِنْ عدْوِ قَرنٍ أتتكَ اليومَ حَاملةً
جِسرَ السحابِ وفي عَينيكَ مُؤتملُ
فاعصرْ لها من شفاهِ الغيمِ نَخْبَ منىً
واسكبْ كؤوسك عطشى للتي تئلُ
أمٌ لنصفِ نجومِ الأرضِ ما تعبَتْ
مِنْ حمْلِها وبنوهَا النورُ والظُلَلُ
عينانِ في جسَدِ الدنيا تشكّلتا
أفْقًا تطوفُ على محرابهِ الدّوَلُ
تعلو ويتبعُهَا التاريخُ مُنْدهِشاً
كُلُّ الحضاراتِ جَفَّتْ وهْيَ تنهملُ
ها طائفً الشعرِ قلبي تاج سوسنةٍ
للنحلِ يُرشِفُ من أعماقهِ العسلُ
نما القريض على إكليلهِ كَحَلاً
فجاء يهمس ما أوحى بهِ الكَحلُ
هُنا تجلَّتْ على الأفكارِ ساقيةٌ
تُرَتِّبُ الوردَ في أحداقِ مَنْ سَألُوا
عن الزمانِ الذي طالتْ سنابلُهُ
تُغَازِلُ الماءَ حرفاً وهْو مُشْتَعِلُ
يا أيُّها العِيْدُ عُرْسُ الرَّوضِ ما طويت
أزهارهُ أو نأَتْ غيماتُهُ الأُوَلُ
أدِرْ بطرفِكَ تُبْصِرْ هالَتَيْ قمرٍ
وعَبقراً من مرايا الضوء يُختزلُ
فاقبِضْ مِنَ الرَّمْلِ أنغامًا وذاكرةً
مِمّنْ على الصخرة الأبهى رؤىً نُسِلُوا
وانزَحْ بروحيْ إلى آفاقِ قُبَّتِهَا
فدونهَا شمعةُ التأريخِ تشتعِلُ
كي أُقْنِعَ النجمَ أنّ السُّحْبَ ساجدةٌ
ليْ فيْ سمائيْ وأنَّيْ بعضُ مَنْ غَزَلُوا
كي آنسَ النارَ في أعصابِ فتنتِهَا
وأقبسَ الحكمةَ الأندى فتغتسلُ
(مَنْ لمْ تَذُدْ عنْ حياضِ الماءِ هيبتُهُ
تَهْدَمْ ومَنْ يظلمِ الإنسان يُعْتَزَلُ )
الحقدُ يغزو بقيحِ الفكرِ شرفَتَنا
والمارقونَ على أفكارِهمْ حبلُوا
أغبى البرايا أناسٌ يدفعونَ إلى
أعدائهمْ تربةَ الفردوس إنْ بخلُوا
مُتْ يا أنايَ صهيلاً دون قافيةٍ
حتى ترى الأرضَ يغفوْ فوقَها الأمَلُ
ُلا باخعٌ أثراً في غيّ فِتْنَتِهِمْ
أو سائرٌ تَجْتَبِيْ مِنْ ضَادِ مَنْ رحَلُوا
كلُّ الدروبِ جهاتٌ أنتَ وجهَتُها
فإنْ نطقْتَ تنامَتْ فيْ دميْ الرُّسُلُ
ليلايَ سرْبُ عبيرٍ بتَّ تُقْرِئُها
مِنْ نَاي حِبْرِكَ ما لا يُتْقِنُ الغَزَلُ
فاسكُبْ نبيذَك للعُشَّاقِ مُصْطَبَحًا
فأشعرُ النَّاسِ مَنْ فيْ سِحْرهِ شُغِلُوا
سيُسكرُ الدهرَ حَرفٌ إن ناشئي
أشْهَى مِنْ الخمْرِ إلا أنَّها جُمَلُُ








الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.