شاعرٌ أردنيٌّ (1968-) يحمل الدكتوراة في الأدب العربي. قصيدته مشغولةٌ. يتخفّى عن الأنظار، ليكونَ أول من ينحسر الماءُ عنه لحظة انتهاء الطوفان.
1537 |
0 |
0 |
0
0 تقييم
إحصائيات تقييم قصيدة "أزور دمشق
" لـ "مهند ساري"
عدد التقييمات: |
معدل التقييم: 0
5 star
0
4 star
0
3 star
0
2 star
0
1 star
0
لتقييم وتفضيل ومشاركة جميع قصائد وترجمات الموقع، يتوجب تسجيل الدخول. عملية إنشاء حساب جديد أو تسجيل الدخول لا تستغرق من وقتك دقيقة واحدة، وتتيح لك العديد من المزايا
قيم قصيدة "أزور دمشق
" لـ "مهند ساري"
أزور دمشق
0
مشاركة القصيدة
أَزوْرُ دمشْقَ لأَوّلِ مَرَّهْ/
شوارعُها كالحاتٌ.. وأَشْجارُها،
والبيوتُ التي سكَنَتْ في القصائدِ
كالِحَةٌ.. دونَ خُضْرَهْ
غبارٌ على كلِّ شيءٍ،
على كلِّ لا شيءَ أَيضاً
ودمعُ القُرى في محاجِرِها والبساتينِ...
ثَمَّ دمٌ صارخٌ في شُقوقِ الحجارةِ،
ثَمَّ دمٌ فوقَ هذي الشّبابيكِ
أَيْقَظَ نومَ المَجَرّهْ
أَزوْرُ دمشقَ لأَوّلِ مَرّهْ
أَزورُ المساجدَ باكيةً والكنائسَ،
ليلٌ طويلٌ يُخَيِّمُ فيها، ولا
أَيُّ بُشْرى لمنْ يَحْلُمونَ!
هناك ربيعٌ على الأَرض يَزْحفُ من
جهةِ الوقتِ والماءِ
أَعْمى، ولكنّه يَتَقرّى ثلومَ الهواءِ
بأَعشابهِ الرّاعشاتِ، ويَحْلُمُ باللاّزورد
ويا أُخْتُ، لي كلُّ ما خبّأَ الوقتُ
من غيبِهِ:
لليقين زهورٌ وشوكٌ،
ولي سلّةُ الدّمع، أَجمعُ فيها
الكواكبَ والنّحْلَ في مُدُنٍ هدَّها القصْفُ والرّعْد
قلبي قفيرُ ضُحاكِ المُعلَّقُ فوقَ
التّلالِ مع النّهَوَنْدِ،
فَغَطِّيهِ، غَطّي بسَبْعِ سماواتكِ الحُمْرِ ما
نفّرَ اللّيلُ والبردُ من زهرهِ والأيائلِ
غطّيهِ يا بنتُ، فالقلب في الشّامِ عَوْرَهْ !
أَزورُ دمشقَ لأَوّلِ مرّهْ
قال لي شَبَحي:
هل أَنا أَنتَ؟
قلتُ: اليقينُ يُبدِّلُ أَلوانَهُ ههُنا!
ربّما القتْلُ يَحْسِمُ هذا الصّراعَ
الثُّنائيَّ بين المرايا وصورتِها!
قال: أَوْ ربّما لن يعودَ بنفْعٍ
ليَتّضِحَ الشّيءُ أَو ضِدُّهُ...
وفي آخِرِ الأَمْرِ
نَزْدادُ كالحُكماءِ المساكينِ حَيْرَهْ!
أَزورُ دمشقَ لأَوّلِ مَرّهْ
لقد كان هذا الهواءُ جديراً
بأَنْفاسنا لوْ خَلا قَمَرُ الشّامِ بالشّامِ.../
يُوْقِفُني شَبَحي في زُقاقٍ قديمٍ تَهَدّمَ:
هل تَعْرِفُ الفَرْقَ بين الأَواني التي
انْكَسَرَتْ.. في الطّريقِ إلى الملْحِ؟
- قالَ –
فقلْتُ: الطّريقُ مَشاعٌ إلى أَيِّ عَرْشٍ هنا
ومَشاعٌ.. إلى أَيِّ حُفْرَهْ
ولكنّ بحراً على الجانبينِ،
تُصَفِّقُ أَمْواجُهُ كالجماهيرِ في المَسْرَحِ
العَبَثيِّ، يُعلِّمُني أَنْ أَكوْنَ الضّحيّةَ في
جَزْرِ' جَزّارِهِ..
فَصَفِّقْ لحرِّيّةِ الحاكم العربيِّ
بِمَدِّ' رَعيّتِهِ فوقَ نَطْعٍ،
وتَصْفيةِ الشَّعْبِ إنْ خانَهُ سأَماً
ورأَى الرّوحَ في
غَصّةِ السِّجْنِ.. حُرّهْ !
أَزوْرُ دمشْقَ لأَوّلِ مرّهْ
أَزوْرُ دمشقَ لكي أَطْمئنَّ على
حِصّةِ الميّتينَ من الموتِ.../
ماذا دَهاكُمْ لكي تَحْلُموا أيُّها
الحالمونَ ؟!
وأَصْعَدُ 'قاسيون'
كي أَسْأَلَ العارفَ المُتَوَشِّحَ بالغَيْبِ:
هل في الغيوبِ لمن قُتِلوا مِنْ تَكايا،
لتَرْبيةِ الفُقَراءِ على الزُّهدِ أَكْثَرَ ؟
هل مِنْ وصايا
لكي يَصْبِروا، فوقَ ما صَبَروا، تَحْتَ
قَهْرِ السّلاطينِ ؟
هل مِنْ زوايا
لِيَنْسَحِبوا من ضميرِ الشّوارعِ ؟
هل في الغيوبِ هنالكَ مِنْ مُرْشدينَ وحَضْرَهْ ؟!
هلِ المُمْكِناتُ التي أُعْدِمَتْ
هيَ الحقُّ، أَمْ باطلٌ هَدَرٌ؟
وأَسْأَلَهُ:
يا أَخي، وصديقي القديم
بِحقِّ الرّئيسِ العَليمِ المُقيم
أَهذا الوجودُ/ وجودُ الشُّعوبِ
على الأَرضِ – كالعَدْلِ – طَفْرَهْ ؟!
أَزوْرُ دمشقَ لأَوّلِ مَرّهْ
أَزوْرُ دمشْقَ لأَضْمَنَ لي مَقْعَداً
في الفراغِ المُطِلِّ على الأَبديّةِ:
كُنْ واحداً من ضحايا الدّفاعِ عنِ
الحَقِّ/
قلتُ: وما الحقُّ؟
قالَ: بَداهةُ عُشْبٍ يَجيءُ ويَمْضي
ويَجْهَلُ – مِنْ فَرْطِ ما ظَلَّ يَحْلُمُ –
أَنّ الرّبيعَ السّريعَ امتحانُ الحقيقةِ
في أَبديّةِ بِذْرَهْ...
أَزوْرُ دمشقَ لأَوّلِ مَرّهْ
أَزوْرُ دمشْقَ لأَقْتَرِحَ المستحيلَ
وأَنْجو من الشُّبَهِ الطّائفيّةِ../
لا القلبُ قادَ الشُّعوبَ
ولا العقْلُ جَمّعَها حَوْلَ فِكْرَهْ
ولكنّها شُبَهٌ، وهوىً ظَلَّ مُسْتَحْكِماً
بالقبائلِ منذُ معاويةَ الأُمَوِيّينَ...
لا حَقَّ إلاّ الحقيقةَ بيضاءَ في
الرّملِ والماءِ، بيضاءَ في مُضْغَةِ الخَلْقِ...
لكنّ داءَ الملوكِ أَصابَ الشُّعوبَ
بِحُمّى الولاءِ
فَأَنْبَتَها شوكةً في العَراءِ
تموتُ وتَحْيا.. على حَدِّ شَفْرَهْ !
أَزوْرُ دمشْقَ لأَوّلِ مرّهْ
وإنْ سَلِمَتْ نجْمةٌ في السّماءِ
هنا، بَعْدَ عاصفةِ اللّيلِ
نُهْدي لها كوكباً من تُرابِ دمشْقَ
يَنِزُّ دماً هادراً
دماً يَتمَيّزُ من غيظِهِ
فإنّ القيامةَ، في آخرِ الأَمْرِ، زَفْرَهْ
أَزوْرُ دمشْقَ لأَوّلِ مَرّهْ
أزوْرُ دمشْقَ التي قد خَوَتْ
كعيونِ الصّغارِ من الماءِ../
يا أُخْتَ 'جِلِّقَ' قلبي خَوَى
مثْلَ جَرّهْ
ولا ماءَ في بَرَدَى
لأُعالجَ هذا الصّدى من هواجِسِهِ
وأُعالجَ قلبيَ من نَزَقِ النّحلِ...
غنّي السّلامَ الذي لن يكونَ/السّلام الذي
لم يكنْ قَطُّ، غنّي
لأُعْفيَ هذي الكواكبَ من عمَلٍ زائدٍ في
الحقولِ البعيدةِ عن فَرَحِ النّاسِ،
غنّي ليَنْكَسِرَ النّهَونْدُ على السّنديانِ
هناكَ بقلبي المُدمّى من النّحلِ،
من صاحبي وعدوّي...
وغنّي كما لو دمٌ خاضَ معركةً وانتصرْتُ
كما لو حياةٌ هَوَتْ، وهزائمُ تَتْرَى
كما لو أَشقّاءُ نَحُّوا عن الذّبْحِ حَلْقي
وقالوا: كفى بالحياةِ لهُ مِيْتةً ومَضَرَّهْ
أَزوْرُ دمشْقَ فَأَبْكي على
وجع المُلْكِ والمَلَكوتِ
وأَزْدادُ كالأَنبياءِ البعيدينَ حَسْرَهْ
لأنّي عَرَفْتُ الذي عرفوا:
لا سلامَ على الأَرضِ تحْتَ
السّماءِ
وما... من مَسرَّهْ!