تركنا على بابك الصور والكلمات
طرنا مع العصافير في شوارعك
تعلمنا أول الحروف في أبهائك
سقطنا شهداء على عتباتك
ومضينا.

لم يختلف علينا لون الكرز في شفاهك
لم تلبس حقول القمح مناديل حداد
ونحن نذهب إلى المذابح
لم تبك الأمهات علينا
وهن يعبئن باغات البنادق بالرصاص والأدعية.

يا أمنا الجارحة الطرف
يا حليب الصباحات الندية
يا زيتون أشواقنا العالق في الذرى.

هنا
بالضبط قريبا من الله والحب
كنا نرسم خطواتنا على عشب المروج
ونمشى مع الأيائل الهاربة من ثعالب الكروم .

هنا، كانت سُوّرك المقدسة
تحمي رؤوسنا من زخات الرصاص.

كتبنا اسمك على ضوء النجوم
في القصائد والأشعار
قرأنا عن عينيك في الأغاني والمنشورات السرية
حلمنا بأعشابك وشنانيرك وبيادر قمحك
رأيناك في المرايا
وعلى الدروب المثلمة في المنافي.

كنت تشتعلين انتظارا لنا
تنتظرين على الطرقات صهواتنا
وتنثرين الياسمين والخزامى
أمام قوافلنا الصغيرة.

كنا نذهب إلى نجومك المرصعة في الجبال
ونغني تحت أشجار الخوخ
عن الرجال الخارجين من أحلامهم إلى السماء.

كنا نكتب اسمك على أكعاب البنادق
ونرتل القرآن عند صلاة الفجر
ونمسح بالزيت جباهنا
حين تقرع الأجراس في الكنائس.

جئناك من الشعاب والأودية
صعدناها حجرا حجرا
وتعلقنا في أطراف الصخور
حين كانت طائرات العدو تلحق بأنفاسنا.

هنا كتبنا بالدم على الحجارة التي تقاسمت لحمنا
عن جراحك التي لم تدمل
ونقشنا على الصخور أسماء رفاقنا وهم يرقصون
تحت رذاذ ضوئك الندي.

وهنا
آه يا هنا
غسلنا سناسل حواكيرك بالدموع وقصائد العشاق.

على بابك تركنا المناديل تلوح لنا
الأمهات الجميلات وفي أحداقهن ملح الوداع
الأخوة الصغار وهم يتشبثون بثيابنا المرقطة
آباؤنا الواقفون بصلابة يربتون على أكتافنا الغضة
حبيباتنا المختبئات وراء الشبابيك يتبللن بالدموع
حمام بيوتنا المحلق فوق الرؤوس
قططنا
خيول أجدادنا الشهباء
أسوار بيوتنا الحجرية في نعاسها المسائي
نعناع العرائش المخضوضر حتى الأرق
أحلامنا المشجرة بالحكايات والطيور
قمصاننا البسيطة المعلقة على الحبال
كتبنا المهترئة على المصاطب.

تركنا على بابك قمح عودتنا
ومضينا إلى صورتك الغالية.

هنا حفرنا وجهك
كانت السماء قريبة
ووجوهنا ملوحة بالشمس
والرصاص يراقص أجسادنا في الوهاد.

سنظل نحبك
نبدأ اغانينا باسمك
وحين نشعل قناديل الحب في الطرقات
سنفكر بك
وعندما نحتمي بالأشجار ..سنراك
سنحملك مع البواريد والقناديل وبكارج قهوتنا
ثم نركض بك وحيدين
إلا من الانعتاق والضوء.

يا أمنا المطرزة بالبنادق العتيقة
يا زيزفوننا الحزين على الجدران
يا لوعتنا الشاردة مع الأيائل والظلال.

هنا، بين كل المجرات
تلمعين وحيدة في عيوننا
وتتعلقين عالية بالرموش والنصال.