توقفت عن الشعر قبل عقود
أنا الآن، أتسلى بكتابة الألغاز الضوئية
ومناكفة قراصنة الأحلام.
..
أحيانا، أراقب نجمة مريضة في السماء
فأذهب إلى البحر لأُربت على كتفها
ثمة مرآتان تتنحنحان عند طرف ضوء خفي
يسرق الصور من الأرض
ويرفعها بغبطة حالكة إلى السماء
وبالعكس.
..
مرة، التقيت طرفة في خمارة الوعل المجنون
حين ثملنا، بكى حتى التهب ظهره باليقين
تركني ساعتها وحيدا، أبحث عن رأسه في البحرين.
..
توقفت عن الشعر
توقفت عن ملاحقة الكلمات في القواميس الصفراء
كنت ألضم عقدا من خرز الأوهام
لأعلقه في عنق ولادة لأقتل ابن زيدون بالغيظ.
..
يا إلهي لماذا تركتني أعبث بالشعر
وأترك قصائدي تحت خيمة قلبي المطعون في البيداء؟
..
يا إلهي، أنا لم أقتل الوعل
لكني أعدك بأن أعلق شعراء السلطان على باب دمشق
لا تتركني وحيدا في غوطتها
امنحني ولو قذيفة صغيرة لأبدد وحشتها
وأعيد إليها جثتي الممزقة في التفجير الأخير على باب توما.
..
لا حاجة للكلمات إذن
يكفي أن تتمزق هذي الليلة في حبرك
لترسم دائرة مستطيلة وسط الغابة
ثم تعوي مع الذئاب في البراري.
..
لا حاجة للقصائد لتبني قصرا
تسترخي فيه جثة أمرؤ القيس
وتنادي كندة في آخر الممر لتثأر لأبي.
..
لا حاجة للشعر في بغداد
بعد أن طعنها هولاكو في قلبي
ومزق غمازتيها في ليلة الهذيان أمام حرقتي.
..
لا، لن أكذب هذي المرة
سأمر على دواوين الشعراء وأشنقهم واحدا واحدا
وليكن، سأترك بضع شاعرات يرقصن على جثثهم
لنبكي معا على الموتى
ونؤبنهم ليلة الأربعاء في الرماد.