كلب بودلير - عبيد عباس | القصيدة.كوم

شاعرٌ مصريٌّ (1976-) مختلفٌ في إدراكه للناقص في الشعرية العربية.


759 | 4 | 0 | 1



أعمى
هى الأرضُ
تعبرُ للزيفِ حُلما ؛
ونحنُ الغيابُ الذى فى الغيابِ يُرافقُ أعمى
تذكرتُ بودليرَ فى نصِّهِ ذائعِ الصِيتِ " كلْبٌ وقارورةُ العطرِ " *
لكننى لم أكنْ مثله فى الحقيقةِ مندهشًا
أن يشيحَ عن العطْر ذا الكائنُ الضيِّقُ الروحِ ,
كيفُ يترجمُ هذا المجازىَّ ذا المُتعلِّمُ بالشرطِ ؛
يُقعى ويجرى ويأكلُ بالشرطِ ؛
ينبحُ حين يجوعُ ,
وحينَ يشمُّ الخطورةَ والخوفَ من عابرٍ يشرئبُّ ,
وقد لا يهبُّ إذا كان منهمكًا فى بقايا طعامٍ ,
ككلبٍ
يرى , كالحقائق , كفَّ الصديقِ المُربِّت دومًا على رأسِه /
وجهَ هذا العدوِّ على الماءِ مُنعَكسًا /
والخلاءَ الذى لا يشى بخرابٍ قريبٍ ,
كما تفعلُ الجاذبية بالمتحركِ
تسحبُه نحو هذى السفوح الغريزةُ ,
لا يشمئزُّ من الماءِ مختلطًا بالمخاطِ ,
ومن شاعرٍ ساجدٍ فى البلاطِ ,
ومن قاتلٍ يحمد اللهَ
بعد التهام أخيهِ المعدِّ لأمثالهِ فى السماطِ ,
يرى كلّ شىءٍ
ككلبٍ
يرى ..
تفسدُ الكونَ من حولهِ قطَّةً
فى القمامةِ تبحثُ عن قوتِها , ( الشارعُ الآن
للموتِ أو للتسوُّلِ )
فيما هنا النيلُ للشرْبِ
أو للتبوُّلِ ,
لا تعرفُ الكائناتُ الغبيّةُ غير المباشرِ ؛
فى الغيمةِ الماءُ ,
فى الموتِ هذا الغيابُ الطويلُ الطويلُ ؛
فهل يصطفى بين كلِّ البدائل إلا المتاحَ ؟
وكيف سيدخلُ من عقله الضيّقِ الآن هذا البراحَ ؟
وكيف سيفهمُ ما يدَّعى الماكرونَ ,
بقطرةِ عطرٍ يعدّل عن قتلِ هذا الوجودِ الوجودُ ,
هو الحارسُ المحضُ ,
لا يعرفُ الشىءَ بالنظَرِ الكلْبُ ,
يبدو عليمًا من البعدِ ,
يبدو ككل السياقِ سعيدُا ؛
لذلكَ ظلَّ هو الكائنَ المطمئنَ بهذا العراء ,ِ
له سيِّدٌ عارفٌ به يحتمى ,
وله كلبةٌ , مثله فى البراءةِ ,
يفرغُ فيها المنِىَّ وبعضُ الجِراءِ ,
له الآن شىءٌ من الأرضِ ,
حتى وإنْ حازَها المجرمونَ فهم عاقلون وأقوى ,
وشىءٌ من الضوءِ ,
شىءٌ من الشىءِ يكفيهِ حتى يظلَّ قليلا على حالهِ الآنَ
أفضلُ من غيرِهِ , الآنَ ناجٍ من الشكِّ ؛
ناجٍ من المعطياتِ السقيمةِ للعقلِ ,
هذا الذى لن يبدّلَ , إذْ يجهل العطرَ ,
من واقعٍ لا يناسبُ سكَّانَه ,
ليظلَّ يجسّدُ , كالسامريينَ , معنى الإلهِ ومعنى الحياةِ ,
ولن يتطوَّر ما دامَ لم يعبرِ السورَ ؛
خلف الرمالِ المُناقضُ ؛
إذ قالتِ الكائناتُ الحزينة ,
خلفَ الحقيقةِ تلك الحقيقةُ ,
وهو على حالهِ
كلبُ بودلير داخل هذى القصيدةِ ,
قد لا يرى نفسَه كلبَ بودلير
وهو يشيحُ عن العطر بحثًا عن الفضلاتِ ,
ليقبع فى ذاتهِ ,
وهو يحسبُ , من جهلِه , أنه المصطفى فى فصيلتِه ,
قد تدرّجَ من كلب صيدٍ
لكلبٍ يجرُّ على الثلج زلاجةً ,
وانتهى للمصير الطبيعى , خارج هذى القصيدةِ ,
" كلبٍ يرافق أعمى "




إشارة إلى قصيدة بودلير " الكلب وقارورة العطر "


الآراء (0)   


الموقع مهدد بالإغلاق نظراً لعجز الدعم المادي عن تغطية تكاليف الموقع.

يمكنك دعمنا ولو بمبلغ بسيط لإبقاء الموقع حياً.